«خرافة الخلاف» الأمريكي- الصهيوني
يكثر الحديث عن تناقضٍ أمريكي صهيوني على خلفية مفاوضات النووي الإيراني. ومابين مهللٍ ورافضٍ للخلاف المفترض، بدا الافتراض وكأنه صحيحٌ بالمطلق، وأنه بمجرد خروج نتنياهو للحديث أمام الكونغرس، ستنقطع «شعرة معاوية» بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.
مع اندلاع الحرب الباردة ودراسة خلاصاتها، خرج السلاح النووي تدريجياً من تصنيفات الأسلحة الهجومية الثقيلة، وبات معلوماً أن هذا السلاح هو «أرقى ما توصلت إليه الصناعة العسكرية المتقدمة من أسلحةٍ للردع والدفاع». ومع امتلاك دول عديدة، ومتنافسة فيما بينها، لسلاحٍ لديه القدرة على إفناء مساحات واسعة من الكرة الأرضية في لحظات، لم يعد هذا السلاح قابلاً للاستخدام بشكلٍ فعلي، لما له من ارتدادات حتمية على معظم دول العالم.
يدرك الغرب جيداً أنه لا وجود لما يجبر إيران على تقديم «تنازل مجاني» في ملفها النووي، لا سيما مع تصاعد التغيرات في الميزان الدولي الجديد في غير مصلحة الغرب. وعليه يسعى الأخير إلى أكبر قدر ممكن من المماطلة الدبلوماسية إلى حين انتهاء المهلة الزمنية للمفاوضات هذا الشهر، ولتسقط بعدها منطقياً العقوبات الاقتصادية بالتدريج من دون أن يؤدي ذلك إلى فضح القوى المتراجعة دولياً.
أمام هذه الحالة، وفي الوقت المتبقي للمفاوضات، يحاول أوباما تصوير نفسه كـ«حريص» على سير المفاوضات، وإلى استخدام ورقة «التوتر» مع الصهيوني على أنه تنازل أمريكي لمصلحة التفاوض مع إيران، بانتظار ما ستقدمه هذه الأخيرة من تنازلات مقابلة، فيما يسعى نتنياهو- الذي ينتظر الاستحقاق الانتخابي الصهيوني- إلى استخدام ورقة «الخلاف» هذه أمام جمهور العدو، ليظهر بمظهر «البطل الذي يدافع عن مصلحة الكيان حتى في وجه الأمريكي ذاته». وهو ما يؤكد أن خطاب نتنياهو أمام الكونغرس الأسبوع الماضي، ما هو إلا استثمارٌ سياسي إعلامي يخوضه.
غير أن هذه الحالة بحد ذاتها لا تنفي بالمطلق وجود أزمة بات يدركها جزء، على الأقل، من الإدارة الأمريكية، وهي أن كيان العدو لم يعد قادراً على لعب دوره الوظيفي كقاعدة متقدمة للإمبريالية بالشكل المطلوب أمريكياً، لا سيما بعد سلسلة الهزائم التي مني بها كيان العدو الغاصب منذ مطلع القرن الحالي.