بوتين في مصر: ملفات من العيار الثقيل
من المتوقع للزيارة التي سيقوم بها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى مصر في التاسع والعاشر من الشهر الجاري أن تحمل تحريكاً لملفاتٍ هامة بين البلدين. مما يدفع الأمل بخروج مصر من أعباء التقديمات الخليجية عموماً والسعودية خصوصاً.
ملفات سياسية واقتصادية عديدة سيتناولها اللقاء المرتقب بين الجانبين. في السياسة، سربت قنواتٌ دبلوماسية أنه سيجري بحث معمق في مسائل الشرق الأوسط، وعلى رأسها الأزمة السورية ومستجدات الأوضاع على الساحة الليبية عدا عن النقاش حول المفاوضات بين الفصائل الفلسطينية وكيان العدو. وصولاً إلى بحث آليات فاعلة لمواجهة تنظيم «داعش».
تعميق سياسي.. وتعاون عسكري
يتقاطع الدور المصري مع السياسة الروسية في عددٍ من قضايا المنطقة. بدءاً من ليبيا التي تتلاقى فيها الجهود المصرية الساعية إلى حلٍ سياسي في البلد مع الاتجاه الروسي العام نحو إخماد جبهات القتال المنتشرة في العالم، مروراً بالنظرة المشتركة لكليهما إزاء محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، ذلك عن طريق رفضهما للآلية العرجاء والمشبوهة التي تقودها واشنطن في إطار ما يسمى «التحالف الدولي»، وصولاً إلى الأزمة السورية التي أكد الجانبان في أكثر من مكان على ضرورة تحقيق الحل السياسي فيها بأسرع وقت، لا سيما بعدما وضع وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، حداً للقنابل الإعلامية حول وجود «مسارين» أحدهما في موسكو والآخر في القاهرة مؤكداً، ذلك من خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع نظيره المصري، سامح شكري، عشية اللقاء التشاوري السوري في موسكو، ليؤكد الطرفان على ضرورة الحل «من خلال تثبيت الحوار على أساس اتفاقية جنيف التي تم توقيعها 30/6/2012».
بالإضافة إلى ذلك، ستشهد العاصمة المصرية بحثاً «دسماً» في العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين الطرفين. حيث يجري الحديث حول أن اللقاء بين الرئيسين سيبحث قضايا متعلقة بزيادة التعاون العسكري والتقني والاقتصادي والاستثماري والسياحي بين الدولتين، فضلاً عن إقامة عدد من المشاريع الروسية على الأراضي المصرية. فيما سيطال النقاش فكرة إنشاء منطقة للتجارة الحرة بين روسيا ومصر، وأخرى بين مصر والاتحاد الأوراسي، وكذلك مسألة الانتقال إلى استخدام الروبل كعملة للتعاملات التجارية بينهما.
استحقاقات صعبة على كاهل مصر
تأتي زيارة بوتين بالتزامن مع توتير حاصل على الساحة المصرية، لا سيما بعد تنامي الأعمال الإرهابية التي تتبناها جماعة «أنصار بيت المقدس» كمولود «جديد» يهدد أمن مصر. وهي الجماعة التي كانت قد أعلنت سابقاً «بيعتها» لتنظيم «داعش» في 2/11/2014، ليتحول اسمها إلى «ولاية سيناء». ذلك كان أحد الإرهاصات التي دللت على أن مشروع الحريق الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لا بد له أن يطال مصر في أحد جوانبه. فحالة المواجهة غير المعلنة بين واشنطن والقاهرة كانت قد ترسخت منذ إعلان «الولايتين الداعشيتين» في غرب مصر (درنة الليبية) وشرقها (سيناء)، فيما بدا أنه إحكامٌ للقيد الأمريكي حول السلطة المصرية، للحفاظ على مستوى معين من السياسات الداخلية والخارجية بما لا يؤدي إلى تهديد مشروع واشنطن في المنطقة. ولإكمال القيد، جرى ضخ الأموال الخليجية إلى مصر، والتي باتت تشكل نسبة كبيرة من احتياطيات النقد الأجنبي المصري، وبالتالي تهديداً مباشراً للسيادة المصرية.
تنفتح الفرصة أمام السلطة المصرية، إلا أن اغتنامها متوقفٌ على القرار السياسي الحاسم للتوجه نحو القوى الدولية المناهضة للهيمنة الأمريكية. ومحكومٌ في الوقت ذاته بموجبات الصراع مع النفوذ المتصاعد للفلول داخل جهاز الدولة المصري منذ أيام مبارك وصولاً إلى السلطة الحالية، ومروراً بالرئيس المخلوع محمد مرسي.