تراجع الليبرالية اليابانية وتقدم الشيوعيين

تراجع الليبرالية اليابانية وتقدم الشيوعيين

لم تنعم اليابان بهدوء راسخ وطويل كالمروَّج له إعلامياً، خصوصاً بعد تعرُّض البلد الذي يشغر شرق شبه الجزيرة الكورية إلى أزمة اقتصادية حادة، منذ مطلع عام 1998.

كان من أعراض أزمة اليابان في ذلك العام ارتفاع نسبة البطالة إلى رقم قياسي، وصل إلى 41% (حسب مجلة السياسة الدولية)، بالإضافة إلى تزايد عدد الشركات التي أعلنت إفلاسها حتى وصلت إلى 221 شركة، وانهيار العديد من المؤسسات المالية الحكومية الكبرى التي كانت تعد من أعمدة الاقتصاد الياباني خاصة شركات التأمين والبنوك الحكومية، وانخفاض حجم الاستهلاك المحلي.
الليبرالية تكلف اليابان تراجعاً حاداً
طوال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، لم يتم إيجاد حلول حقيقية للأزمة التي كانت تتفاقم باستمرار، وواصلت الحكومات اليابانية المتعاقبة المضي قدماً في السياسات الليبرالية، رغم تفاقم أزمة الرأسمالية عالمياً، وبدأت أسباب هذه الأزمة بالانفجار البطيء في منتصف عام 2012.
منذ 2013، وللشهر السادس عشر على التوالي، استمرت معدلات الدخل بالتراجع في اليابان، كما أن الفجوة بين الطبقات أخذت تتسع أكثر، وانحدر ثالث أكبر اقتصاد في العالم إلى حالة من الركود للمرة الثالثة خلال أربع سنوات، بعد زيادة مثيرة للجدل في ضريبة المبيعات من 5% إلى 8% نهاية 2014، وعزم الحكومة رفع هذه الضريبة إلى 10% مطلع عام 2015.
ما إن اختتمت قمة مجموعة العشرين أعمالها، وتعهَّد القادة والزعماء المشاركون فيها بدعم نمو الاقتصاد العالمي، حتى بدأت أنباء سلبية غير متوقعة ترد من طوكيو، فالاقتصاد الياباني دخل رسمياً مرحلة الركود. أثار هذا الخبر ردود فعل كبيرة في البورصات العالمية، فاليابان هي ثالث أكبر اقتصاد عالمي، ودخولها في دوامة الركود بعد معدلات النمو المنخفضة في منطقة اليورو، يكشف بوضوح أن الاقتصاد العالمي لا يزال يدور في دائرة الأزمة الاقتصادية الخانقة، وغير قادر على الخروج منها.
الشيوعيون وقواعد أمريكا
بتأثير الأزمة الاقتصادية، جرت في أواسط الشهر الجاري انتخابات برلمانية مبكرة في اليابان حصل الحزب الشيوعي الياباني فيها على 21 مقعداً مقابل 8 مقاعد في الدورة الماضية، وصوت للشيوعيين في هذه الانتخابات أكثر من 6 ملايين ناخب أي حوالي 12% من مجموع الأصوات.
دعا البرنامج الانتخابي للشيوعيين إلى مواجهة السياسات التي أوقعت الاقتصاد في الفشل الذريع، وخاض الشيوعيون اليابانيون الحملة الانتخابية على أساس برنامج شديد الوضوح في مواجهة سياسة الليبرالية الجديدة، المستندة على وصفة الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان، التي تميزت بسياسة اقتصادية قائمة على العداء الصارخ للسياسات الاجتماعية المعروفة بخطة «أبينوميكس»، فضلاً عن محاولات الحكومة فتح المجال لمشاركة الجيش الياباني في حروب التدخل التي تنفذها المراكز الرأسمالية الغربية.
هذا، وفاز المرشح الشيوعي، آكامينا سيكن، لأول مرة منذ 1996 بالمقعد النيابي عن منطقة أوكيناوا. وقد خصص المرشح حملته النيابية ضد القواعد العسكرية الأمريكية في الجزيرة. فيما خسر الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم جميع المقاعد النيابية المباشرة الأربعة في الجزيرة، لأنه طالب بالحفاظ على القواعد العسكرية الأمريكية وتوسيعها.