«فضائيون» في العراق.. مفرزات الهيمنة الأمريكية
أعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، عن سلسلة من الإجراءات لتطهير المؤسسات العسكرية والأمنية والاستخباراتية من الفاسدين, إذ قام بإعفاء عشرات القادة من مناصبهم وإحالتهم على التقاعد, كما كشف عن وجود 50000 عسكري «فضائي».
تطلق تسمية «الفضائي» على العسكريين الذين يقبضون 50% من الراتب وهم جالسون في بيوتهم, أما الـ 50% بالمئة الأخرى، فتذهب إلى جيوب ضباط المقاولات, علماً أن «الجيش العراقي بني على أساس «التطوع»، مقابل دفع المتطوع مبلغاً يصل الى 2000 دولار. وتشير أكثر التقديرات حذراً أن حجم هؤلاء «الفضائيين» وصل إلى ما يقارب الربع مليون عسكري.
يتندَّر المواطن العراقي على هذه الإجراءات, ففي نظره «الفضائيين» درجات، ويُصنَّف سياسيو مرحلة بريمير «فضائيون من الدرجة الأولى»، حيث تقضم ميزانية الرئاسات الثلاث نسبة عالية من الميزانية العامة. ناهيكم عن الألاف المؤلفة من «المستشارين» وأصحاب التقاعد «الجهادي» برتبة عقيد فما فوق, خصوصاً أولئك القادمين من بلدان اللجوء الأوروبي والذين يمنحون «تقاعد مبكر» لأسباب نفسية!
وكان بريمير، الحاكم الأمريكي للعراق، هو من أطلق وحش الفساد، وهو من قال بكل استهتار عند رده على سؤال لصحفي أمريكي حول اختفاء 12 مليار دولار، بأنه لا يعرف أين ذهبت! وها هم تلاميذه الذين نهبوا مئات المليارات, يطالبون المواطن بالتقشف, وهو الذي يعاني من البطالة وانقطاع الراتب لشهور وغلاء المعيشة وانعدام الخدمات الأساسية.
إن مطالبة الطبقة الحاكمة الفاسدة الشعب بالتقشف تترافق مع إعلان الأمريكان عن النية في تشكيل «جيش سني» تعداده 100 ألف مقاتل, ودعم البيشمركة الكردية, لتحقيق «التوازن» مع «الجيش» الراهن الذي يصنَّف «شيعياً». إن سياسة تقسيم الشعب إلى «مكونات» لا تشي إلا بالإصرار على رفض فكرة إعادة بناء الجيش العراقي الوطني على أساس الخدمة الإلزامية، يكون ولاؤه للشعب العراقي ويضمن سلامة وأمن العراق وحدوده.
لابد لنا هنا من تذكير هتَّافة «عهد العبادي» بأن غالبية الوجوه المشاركة في حكومته كانت ممثلة في الحكومات السابقة، وعليها ملفات فساد، وهي جزء من الأزمة لا الحل, إضافة إلى أن الصراع الدائر اليوم بين مختلف أجنحة الحكم, هو نوعان, الأول صراع محاصصة, ولا يمس مطلقاً بنية النظام الطبقية الاستغلالية الطفيلية التابعة للإمبريالية الأمريكية, البنية المولِّدة للأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
أما الثاني، فهو صراع إرادات إقليمية, واللافت للانتباه هنا, الاستقبال المميز الذي حظي به المالكي في كل من طهران وبيروت, واقترانه بالإعلان السياسي المتعارض على طول الخط مع توجه حكومة العبادي, فقد أفاد بيان صادر عن العلاقات الإعلامية في «حزب الله» أن: «الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله استقبل نائب الرئيس العراقي نوري المالكي، حيث عبَّر الطرفان عن ثقتهما المطلقة بحتمية انتصار شعوب وحكومات المنطقة على داعش.. وأوضحا أن مثل هذه الجماعات لا مستقبل لها ولمشاريعها التدميرية في أي من دول المنطقة على الإطلاق.. وكانت القراءة متطابقة حول الخلفيات والأهداف وسبل المواجهة وأهمية بذل كل الجهود للحفاظ على الاستقلال التام والناجز لكل دولة، وعلى ضرورة التعاون لدرء كل أشكال الفتن الطائفية والمذهبية، ومواجهة التيارات التكفيرية التي تهدد الجميع».
وأخيراً، لابد من التنويه إلى التأثير الإيجابي للدور الفعال المتزايد لروسيا على الصراع الدائر في كلٍ من سورية والعراق وعموم المنطقة، وانعكاسات هذا الدور إيجابياً. خلاصة القول, لا يمكن الفصل بين الوجهين, الطبقي والوطني, عراقياً وعربياً وعالمياً, في الصراع الحاسم بين الشعب من جهة، وسلطة الفضائيين من جهة أخرى.