عمال النفط دعامة العراق... وعملاء أمريكا يستحضرون «التقشف»
خاض العمال العراقيون المعارك الطبقية والوطنية على مدى قرن من تاريخ العراق الحديث، حققوا خلاله الانتصارات المتمثلة في إلغاء المعاهدات الاستعمارية وإسقاط الحكم الملكي العميل، عبر ثورة 14/ تموز/ 1958 المجيدة. ثورةٌ توجت سلسلة من الانتفاضات والهبات الشعبية، وحققت منجزات كبرى للشعب والوطن.
لم يتوقف أو يضعف كفاح الطبقة العاملة العراقية- وفي طليعتها عمال النفط- بعد سقوط حكومة الثورة في انقلاب 8 شباط 1963 الأسود. بل تواصل كفاحها دون هوادة لينتزع المنجزات الاقتصادية- الاجتماعية والسياسية من الحكومات المتعاقبة حتى عام 1979. من تأميم النفط العراقي إلى مشاريع زراعية كبرى وبناء الصناعة الوطنية، وصولاً إلى تطوير قوانين العمل والأحوال الشخصية وتقدُّم نظامي التعليم والصحة وغيرها من المنجزات.
زجت الطبقة البرجوازية الحاكمة الوطن العراقي في حروب داخلية، ضد اليسار والحركات التحررية، وخارجية ضد إيران بالنيابة عن الإمبريالية الأمريكية، والتي توجت بغزو الكويت 1990، والحصار الإمبريالي المدمِّر الذي فرض على الشعب العراقي حتى احتلال العراق في 9/ نيسان/ 2003 وإدخال العراق في فترة تدميرية هي الأشد ظلاماً في تاريخه وخطورة على وحدة أراضيه ونسيجه الاجتماعي الوطني.
كما برهنت الأحداث الوطنية العراقية في الماضي، فقد قدَّمت الانتفاضات الشعبية العربية في الحاضر البرهان على الدور الحاسم للطبقة العاملة في تقرير مسارها ومصيرها، فلولا دور العمال في تونس ومصر لما انتصرت الثورتان في البلدين الشقيقين. وما نود تأكيده هنا، هو أن الصراع الطبقي لا يزال فاعلاً وسيبقى كذلك، وهو ليس وهماً كما يشيع دعاة «النضال المدني» الفضفاض وشعاره المحكوم بالموت تاريخياً– الليبرالية.
عقدٌ من ديماغوجية «منظمات المجتمع المدني» البريميرية لم يفضِ سوى إلى هيمنة الخطاب الطائفي والعنصري الانعزالي, خطاب «المكونات» المزعومة- الخطاب المفتِّت للمجتمع نحو قوميات وطوائف وقبائل وعشائر ومناطق على حساب الخطاب الوطني التحرري.
لعبت استراتيجية بريمير في زرع هذه المنظمات (وفق قانون سنه هو) دوراً رجعياً في محاولة لتغييب الخطاب العمالي الطبقي، وهذا ما يفسِّر تماماً العزلة الجماهيرية التي تعانيها تحركات «منظمات المجتمع المدني» الاحتجاجية، وقصور شعاراتها وأهدافها على المطالب الثانوية.
ومما زاد الطين بلة هو استمرار مهادنة القيادة المهيمنة على«الحزب الشيوعي العراقي» للإمبريالية الأمريكية، حداً يعلن فيه تقريره الصادر في 14/11 / 2014: «طلب الدعم الذي تقدمت به كل من الحكومة الاتحادية والإقليم... دفع الولايات المتحدة إلى التدخل، ونشر غطاء جوي وتقديم إمدادات عاجلة بالسلاح والذخيرة إلى الجيش العراقي والبيشمركة، وإرسال المستشارين لتدريب القوات، والمشاركة في وضع خطط لمواجهة داعش..».
فأمريكا، بحسب هذا الزعم، قد جاءت منقذةً للمرة الثانية، كما فعلت في 9/4/2003، حيث يحلو للقيادة المهيمنة على«الحزب الشيوعي العراقي» إطلاق تسمية «التغيير» لوصف احتلال العراق وتهجير مواطنيه ونهب ثرواته وخلق نظام تحاصص طائفي أعاد إنتاج بنية النظام الدكتاتوري السابق. أما هذه المرة، فقد جاءت أمريكا «لتنقذ» العراق من أذرعها «الداعشية»، وها هي تستكمل دورها «الأممي» في عمليات تسليح مباشرة إلى البيشمركة في الشمال وإلى العشائر في الغرب وإلى «داعش» التي حصلت على سلاح من طيران «التحالف» خمس مرات عن طريق «الخطأ»، ناهيكم عن هبوط طائرات محملة بالسلاح في مطارات بغداد وأربيل والسليمانية لا يعرف أحد حمولتها أو حتى وجهتها.
يقع على عاتق عمال النفط واجب النهوض بدورهم الطبقي والوطني في معركة شعبنا للتصدي إلى عمليات نهب الثروة على يد الشركات الإمبريالية والطبقة الطفيلية الحاكمة، التي تعلن حرباً جديدة على الشعب برفعها شعار «التقشف» في وقت تعيش فيه غالبية الشعب تحت خط الفقر، وتعاني شبيبته من البطالة. هنا بالضبط يبرز دوركم كمنتجين للثروة الوطنية المصدر الرئيسي للدخل الوطني العراقي.
منسق التيار اليساري الوطني العراقي