السعودية ومناورات التراجع في اليمن

السعودية ومناورات التراجع في اليمن

باركت السعودية مضطرة التوافق اﻵني بين المؤتمر الشعبي العام، برئاسة «عبد ربه منصور هادي» والرئيس السابق، علي عبد صالح، من جهة، ومن جهة أخرى مع أنصار جماعة «الحوثي»، وذلك بناء على معطيين رئيسيين.

يقوم المعطى الأول على محاولة آل سعود عبر المناورة امتصاص الدور الإيراني المتصاعد في الإقليم وذلك بعد أن صار واضحاً أن الترابط العضوي بين السعودية والولايات المتحدة أن سيجر مزيداً من التراجعات.
والثاني مبني على عمل المملكة على إسقاط حكومة التجمع اليمني للإصلاح أي «الإخوان المسلمين»، مما اضطرها للقبول على مضض بالتوافق مع الحوثيين على هذه النقطة، فالخطر الداهم من الإخوان قابل للتأريض في الوقت الحالي، بينما خطر الحوثيين يحتاج إلى عمل استراتيجي طويل الأمد. 
فترة «ارتباك» آل سعود
في ظل هذه المعطيات عملت إيران على زيادة وزنها الإقليمي بحكم النفوذ الكبير لها ضمن جماعة «الحوثي»،  ورغم ارتباك السعودية أمام إمساك الحوثي بالبلاد وبصنعاء للمعطيات المذكورة سابقاً، لكنها عند نقطة انعطاف معينة ستسعى لمنع الحوثي من التحكم بالبلاد لعدة أسباب، أهمها عدم السماح لإيران بأخذ اليمن، والثاني وهو ما تتقاطع فية الإرادة الأمريكية مع السعودية وهو عدم حسم الصراع واستنزاف اليمن كدولة واقتصاد ومجتمع.
قبل انتهاء فترة الإرباك السعودية، وفي الوقت التي كانت تسير فيه الأمور كما يشتهي الحوثي، وقعت كل الكتل السياسية على بيان جاء فيه: «يجري الأخ رئيس الجمهورية مشاورات شاملة وشفافة مع جميع المكونات الممثلة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل فور توقيع هذا الاتفاق. وتهدف هذه المشاورات إلى تشكيل حكومة كفاءات في مدة أقصاها شهر».
وينص الاتفاق أيضاً على بنود أمنية واقتصادية، حيث جاء فيه: «تتعهد الأطراف إزالة جميع عناصر التوتر السياسي والأمني من أجل حل أي نزاع عبر الحوار، وتمكين الدولة من ممارسة سلطاتها. ويجب وقف جميع أعمال العنف فوراً في العاصمة صنعاء ومحيطها من جميع الأطراف خلال ثلاثة أيام من توقيع هذا الاتفاق، يعين الأخ رئيس الجمهورية مستشارين سياسيين من أنصار الله والحراك الجنوبي السلمي».
كما تؤكد الأطراف ضرورة بسط سلطة الدولة واستعادة سيطرتها على أراضيها كافة وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. فجاء في الاتفاق: «يتم الاتفاق على آلية، بمساعدة فنية من الأمم المتحدة، لتنفيذ توصيات مؤتمر الحوار الوطني الشامل المتعلقة بنزع السلاح واستعادة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من كافة الأطراف والجماعات والأحزاب والأفراد... وتتضمن الآلية خطة مفصلة وجدولاً زمنياً للتنفيذ ووفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني».
محاولة الإنقلاب هل تنجح؟!
لكن ما حدث لاحقاً هدف لتغيير المعادلات، حيث استفرد هادي بتشكيل الحكومة غير ملتزمٍ بالاتفاق مما أدى إلى انشقاق الصف ضمن «المؤتمر الشعبي العام»، حيث شكلت الحكومة بدون موافقة «الحوثيين» مما أدخل اليمن في شقاقٍ جديد بين هادي منصور وجماعته من جهة والحوثيين من طرف ثان.
وقال عضو بارز في جماعة «الحوثي» إن الجماعة ترفض التشكيل الجديد للحكومة اليمنية، التي أعلنها الرئيس عبد ربه منصور هادي، الجمعة، ،بهدف الخروج من أزمة سياسية معقدة تغرق البلاد. وصرح عضو المكتب السياسي للجماعة، محمد القبلي، السبت، إن التشكيلة الحكومية «مخيبة للأمل، كون بعض أعضائها لم يستوفوا المعايير الموجودة في اتفاق السلم والشراكة»، الموقع مؤخراً بين الحكومة والجماعة.
وهكذا، رأت السعودية وحلفاؤها بعد إسقاط «الإخوان المسلمين» ضرورة الالتفات إلى «الحوثيين»، حيث طلبت السعودية من الولايات المتحدة إنزال عقوبات بقيادات «الحوثي»، وقد بدأ الضرب السعودي للحوثيين أولاً عبر تبرؤ الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، حليف السعودية التاريخي ووصيها على اليمن، من التحالف مع «الحوثيين»، حيث أجرت مؤسسة الإعلام الروسية «روسيا سيفودنيا» مقابلة صحفية معه، حيث أشار إلى أن الرئيس هادي هو من تفاهم مع «الحوثيين»، لإسقاط «الإخوان»، وأولاد الأحمر وعلي محسن في عمران، حتى وصل بهم الأمر إلى دخول صنعاء.
يبدو أن مناروة السعودية في اليمن لضرب الحوثيين ستأخذ أشكالاً شتى، فمن تصعيد عمل القاعدة وصولاً إلى استنزاف اليمن اقتصادياً وأمنياً بالإضافة إلى إذكاء النزاعات السياسية عبر الالتفاف على كل ما اتفق عليه، فهل تعي السعودية تراجعها المستمر أم أنها ستتعنت أكثر!