تورط «العدالة والتنمية» يهدِّد تركيا
لم تمر معارك «عين العرب- كوباني» من دون أن تحدث ضجة في الداخل التركي، رداً على تورط الحكومة التركية في تمرير المخطط الأمريكي إلى منطقتنا. حيث لا تزال المظاهرات والاحتجاجات الشعبية قائمة وتتوسع.
منذ أيام، ظهرت صورة مفاجئة على مواقع التواصل الاجتماعي تبيِّن جنوداً أتراكاً على الحدود التركية السورية، وهم يتعمدون إظهار عدم الاهتمام إزاء مقاتلي «داعش» الذين يقطعون أحد الجبال رافعين رايتهم عالياً. في الواقع، تتشابه هذه الصورة مع سلوك «العدالة والتنمية» على صعيد المخاطر الجمة التي تصيب منطقتنا.
كوباني.. وملامح التورط التركي
قبل بداية الأحداث الأخيرة في مدينة كوباني السورية، ارتفعت أصوات أهاليها تنديداً بالسلوك التركي إزاء «داعش». حيث كان مقاتلو التنظيم يتهيؤون للانقضاض على كوباني انطلاقاً من منطقة سروج التركية، من دون أية إجراءات من قبل الحكومة التركية، وهذا ما يبين التورط التركي بأوضح أشكاله في الحدث السوري.
واحتجاجاً على الصمت التركي إزاء مطالبات أهالي كوباني بالمساعدة- على الأقل عن طريق فتح الحدود التركية أمامهم- عمَّت المظاهرات والاحتجاجات عدداً من المحافظات التركية، لا سيما اسطنبول وأنقرة ومرسين وديار بكر وفان وباتمان. حيث تطورت المظاهرات إلى اشتباكاتٍ بين متظاهرين أكراداً وأتراكاً من جهة، وقوات الأمن التركية من جهةٍ أخرى. ما أدى إلى ارتفاع أعداد ضحايا الاشتباكات إلى أكثر من 22 متظاهراً، بالإضافة إلى مقتل أحد رجال الأمن الأتراك في محافظة ديار بكر.
واشتملت المطالب الشعبية على فتح الحدود أمام الأكراد الراغبين بالدخول للأراضي التركية، وفتح الطريق أمام المقاتلين الراغبين بالانضمام إلى القوات الكردية المقاتلة في كوباني، بالإضافة إلى وقف عمليات الاعتقال الجارية بحق الأكراد الداخلين إلى الأراضي التركية (حيث أقدمت الحكومة التركية على اعتقال ما يقارب الـ150 كردياً دخلوا الأراضي التركية هروباً من أحداث العنف في كوباني).
الغضب التركي.. أبعد من كوباني
لا تقتصر الاحتجاجات الشعبية في تركيا على السلوك التركي إزاء أكراد سورية فحسب، بل على مجمل الأداء الحكومي فيما يتعلق بقضايا المنطقة. يعلم الأتراك جيداً أن الكلام عن دخولٍ بريّ إلى مناطق شمال سورية، أو إقامة مناطق عازلة أو ما يوازيها، في حال تم تنفيذه لن يكون إلا تنفيذاً وانصياعاً لرغبة أمريكية مزدوجة بالدخول البري إلى سورية وتجنيب قواتها تبعات هذا الدخول من جهة أخرى. أي أن الجنود الأتراك الداخلين إلى سورية، لن يكونوا سوى «لحم رخيص» تريده أمريكا للحفاظ على حياة جنودها ولتجنب سيناريوهات مؤلمة على الولايات المتحدة.
تتعامل حكومة «العدالة والتنمية» مع الشعب التركي على أنه كتلة صماء، وتعول على قدرتها واستمرارها بالتحرك بما يخالف المصالح الشعبية التركية، من دون تحرك داخلي يهددها. بات واضحاً اليوم أن الشعب التركي غير راض وغير مستعد ليكون فداءً لسلامة الولايات المتحدة الأمريكية. فإما أن تنطلق الحكومة التركية من مصالح الشعب التركي، وتوقف بالتالي كل عمليات توريطه في معارك لا طائل منها، وإما فسيكون «العدالة والتنمية» بمواجهة استحقاقات واحتجاجات شعبية آخذة بالتصاعد تمهيداً للتخلص من حالة التبعية للمعسكر الغربي التي رسختها سياسة أردوغان.