إيران تحد مناورة الغرب نووياً
نهاية العام الفائت، تزامن اتفاق جنيف بين إيران و«مجموعة 5+1» مع انعطافات كبيرة في المنطقة، وضعت الأمريكان وحلفاءهم أمام معادلات إقليمية جديدة بعد خروج الأمريكيين من العراق، واستعصاء الملف السوري عن الحل وفقاً للطريقة الأمريكية.
وكذلك، ظهرت الموجة الثانية من الحراك الثوري المصري، منهية حكم «الإخوان المسلمين» أهم أدوات واشنطن، لتنعكس التراجعات الغربية على ملف المفاوضات بشأن برنامج إيران النووي باتفاق دولي يقضي وضع الملف على سكة الحلول السياسية.
الضغط لتحسين شروط التفاوض
مرَّ عام تقريباً على توقيع اتفاق جنيف الذي وضع الخطوط العريضة لحل أعقد ملفات المنطقة، والذي أظهر أزمة الغربيين أمام تقدَّم القوى الصاعدة على المستوى الدولي، وذلك عبر جملة العراقيل المختلقة التي وضعوها أمام سير عملية التفاوض التي من المفترض أن تنتهي في الجولة المقررة في 20 أيلول من العام الحالي.
يدرك الغرب أن إنهاء الملف الإيراني من حيث المضمون، يعني في نهاية المطاف تحصيل إيران لاعتراف دولي بحقها في إنتاج الطاقة النووية لأغراض سلمية، وهو الخط الأحمر الذي وضعه الإيرانيون في مفاوضاتهم، باعتباره حقاً مشروعاً للشعب الإيراني، وعليه فإن المماطلة تأتي في سياق موازٍ للمفاوضات، وهو سعي الغرب إلى خلق وضع إقليمي جديد ضاغط على الإيرانيين، سواء في ملفات العراق أو سورية، كوضع يعيد الملف النووي الإيراني إلى ما قبل اتفاق جنيف، أو تحسين شروط التفاوض باحتمال إبطاء تطوير البرنامج النووي الإيراني إلى حدود قصوى في أسوأ الأحوال.
الاستكمال خسارة
والوقوف خسارة
قبل أيام على بدء الجولة النهائية للمفاوضات، وفي إطار التحصيل العام لميزان القوى الإقليمي، تلقت الولايات المتحدة ومن خلفها الحلفاء الإقليميون، ضربة جديدة موجعة بعد إسقاط حكومة «المبادرة الخليجية» في اليمن، ما أضعف النفوذ السعودي، فاسحاً المجال أمام تقدم أكبر لدور إيران، في دولة تُعتبر مرآة الخليج في استقرارها أو انزلاقها إلى أتون الفوضى المحتمل.
وفرضت التغيرات المهمة في الملف اليمني وقائع جديدة، تسعى إيران إلى استثمارها في مفاوضات الجولة السابعة التي بدأت في موعدها المقرر هذا الشهر، حيث تبدو إيران أكثر ثباتاً في مواقفها بشأن المفاوضات، وهو ما أكده وزير خارجيتها جواد ظريف في إشارة إلى جدية وعزم إيران على تقديم ودراسة الحلول المقدمة أوروبياً، حيث قال: «إن هناك فرصة فريدة أمام الغرب لحل الأزمة النووية المصطنعة»، كما أكد ظريف عقب افتتاح جولة المفاوضات أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق نووي شامل قبل موعد 24 تشرين الثاني من العام الحالي، إذا كان الجانب الآخر على استعداد لاتخاذ قرار صعب، في إشارة إلى الموقف التفاوضي الحرج للإدارة الأمريكية وحلفائها الغربيين، المحكومين بخيارات محدودة.
وهنا، تكثر الأسئلة حول إمكان قبول الغرب إطالة أمد المفاوضات، في ظروف دولية قد تحمل خسائر جديدة، بعد خسارة ملفات دولية كبرى كأوكرانيا، وملفات إقليمية مهمة كالملف اليمني. وإمكان رضاه بإنهاء مفاوضات البرنامج النووي بهذا القدر من الخسائر، وبالتالي الإقرار بالهزيمة أمام الصعود الثابت للدول الخارجية عن البيت الغربي.