العراق: بين مطرقة الإرهاب الأمريكي وسندان همجية (داعش)

العراق: بين مطرقة الإرهاب الأمريكي وسندان همجية (داعش)

تتضح يوماً بعد يوم الأهداف الأمريكية من غزوة داعش إلى العراق، وأبرزها إشعال الحروب القومية (كردية، فارسية، تركية) وطائفية (سنية، شيعية) وصولاً إلى الهدف الأصل وهو تمزيق دول المنطقة إلى إمارات وإقطاعيات لتحقيق هدف الدولة الصهيونية اللقيطة بهويتها الدينية اليهودية وتكون الباب العالي لهذه الإمارات، وما قرار الإدارة الأمريكية بتشكيل تحالف دولي رجعي سوى لإضفاء  "الشرعية الدولية" على مخططها الاستعماري.

من جهته يبدو أوباما حتى اللحظة متمسكاً بالنصيحة الشهيرة: "إن أي رئيس أمريكي يفكر في إرسال قوات أمريكية إلى الشرق الأوسط يجب أن يفحص عقله" حيث شدد على عدم إرساله قوات برية. إلا أن الإعلان المتلازم مع هذا الموقف والقائل إن:"المعركة ضد داعش طويلة وقد تمتد إلى سنوات" يترك الباب مفتوحاً لإرسال قوات برية إلى المنطقة وخصوصاً إلى العراق.

حرب أهلية؟!

إن المفارقة المتمثلة بتشكيل إئتلاف دولي لمحاربة "داعش" من جهة وإخفاق القوى الطائفية الإثنية الحاكمة في التوصل إلى اتفاق على شخصيتي وزيري الدفاع والداخلية من جهة أخرى، تشير إلى أن مساحة التدخل الإمبريالي الأمريكي ستتوسع، وأن دور الدمى في بغداد سيتقلص لحساب الأمريكي. ولعل الإعلان عن ضم الميلشيات الطائفية الإثنية إلى تشكيلة عسكرية جديدة موازية للجيش العراقي، أُطلق عليها تسمية "الحرس الوطني" يبرهن على إصرار الإدارة الأمريكية في جعل العراق بلداً بلا جيش وطني، وهي التي تصر على رفض إعادة بناء الجيش العراقي على أساس الخدمة الإلزامية الوطنية.

إن تجييش حلف الناتو والدول الدائرة في فلكه لخوض حرب ضد بضعة عشرات الآلاف من الإرهابيين، يقدم دليلاً قاطعاً على وجود أهداف استراتيجية لهذه الحرب وما "داعش" إلا حجة مفبركة ومطبوخة في أروقة المخابرات الأمريكية والمجمع الصناعي العسكري الإمبريالي الصهيوني، والهدف الحقيقي هو قطع رأس العراق وتقطيع أوصال جسده الوطني. ومن يراقب حالة الانقسام المجتمعي العراقي وترويج الماكينة الإعلامية للكتل الطائفية الإثنية للحل "السحري" المزيف " الفيدرالية" يتيقن من أن الحرب الأهلية قادمة إن لم تقم القوى الوطنية في المجتمع وفي طليعتها اليسارية بدورها الطبقي والوطني في الحفاظ على وحدة الطبقة العاملة العراقية وتطوير دورها الكفاحي على الأرض.

التحضير الداخلي للانقسام

لم يأت برنامج حكومة العبادي بجديد عن برامج حكومات نظم 9 نيسان 2003، فهو يتمسك بالاقتصاد الليبرالي المتوحش المفقر للشعب والسارق لثرواته التابع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، البرنامج المتوافق تماماً مع الطبيعة الطبقية الاستغلالية للسلطة الحاكمة الفاسدة المتعارض على طول الخط مع مصالح الجماهير الكادحة خاصة والشعب العراقي عامة. 

كما أن الطروحات الانعزالية الطائفية الإثنية التي بدأت تتسلل حتى في صفوف بعض القوى الشيوعية واليسارية، تأتي في السياق ذاته، وهي التي بلغت حداً يدعو البعض فيه إلى تبني فكرة تقسيم العراق أو التعاون مع الكيان الصهيوني، بل واعتبار أمريكا هي "المنقذ" بعد فبركات "التحرير" و"الديمقراطية". وهي طروحات تسقط لقب الشيوعي واليساري عن أصحابها وأقل ما يقال عنهم جهلة في ألف باء الماركسية.

اليسار: (التحالف) لايمت بأي صلة لطموحات الشعب!

جاء إعلان موقف التيار اليساري عشية انعقاد مؤتمر باريس لتشكيل ما يسمى بالإئتلاف الدولي لدعم العراق في تصريح منسق التيار اليساري الوطني العراقي لوكالة رويتر للأنباء ليضع النقاط على الحروف:"إن تشكيلة التحالف المزمع تشكيله وأهدافه وتصريحات رموزه الإمبرياليين وأتباعهم لا تمت بأية صلة لتطلعات الشعب العراقي للعيش بحياة حرة وكريمة وعادلة وآمنة، وإنما تتستر خلف شعار القضاء على "داعش" صنيعة أمريكا نفسها لتمرير مخطط التقسيم من مراحل المخطط الإمبريالي الصهيوني الهادف إلى تقسيم دول المنطقة إلى إقطاعيات طائفية إثنية وفي مقدمة هذه الدول العراق وسورية. وتؤكد تصريحات صقور هذا التحالف الاستعماري الجديد على أن المعركة مفتوحة الحدود وبسقف زمني مفتوح أيضاً يمتد إلى ثلاث سنوات. أما أتباعهم في السلطة المستهترون بدماء المواطنين والخاضعون لكل الشروط الأمريكية، فجل ما يهمهم البقاء في السلطة لمواصلة نهب الشعب وإذلاله. ولاخلاص للشعب العراقي من الكوارث التي يعاني منها والقادم منها أعظم إلا باستعادة إرادته الوطنية التاريخية وحسم الصراع بنفسه".

*منسق التيار اليساري العراقي