تداعيات الحرب على غزة
صمود غزة في وجه العدوان الصهيوني، فاجأ العدو والصديق، وأبرز بشكل قاطع حقائق لا بد من التأكيد عليها اليوم وبقوة.
على المستوى العام
• صوابية وأهمية التذكير بأن مبدأ "الإعتماد على الذات" هو الشرط الأساس والأول لتحقيق أهداف المشروع المطروح على جدول أعمال النضال الوطني، فها هي غزة المحاصرة والتي لا تتعدى مساحتها 350 كم2 تصمد وتخلق وقائع جديدة على أرض الصراع والنضال، وقبلها حقق انتصار المقاومة اللبنانية تحوّل حزب الله إلى قوة إقليمية يحسب له الحساب دولياً، والانتصارات التي يحققها أنصار حزب الله في اليمن جعلت منه القوة السياسية والعسكرية الكبرى في اليمن وفي منطقة الخليج العربي، فترداد مقولة (يا وحدنا) ثبت أنها لا تخدم سوى تبرير التنازلات على مدى عمر النضال الفلسطيني.
• أهمية تبني مبدأ "الثقة بقدرات الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة الهائلة الكامنة" فصمود جماهير شعبنا الفلسطيني الأسطوري في غزة في وجه هذه الحرب المجنونة على المجتمع الفلسطيني وعلى شروط حياته، وصموده ضد هذا الحصار المجرم المفروض عليه من قبل الكيان الصهيوني وقوى التبعية العربية، هو الذي مكّن المقاومة من الصمود.
• شرطية الانتصار يتطلب إعتماد نهج بناء حركة تحرر وطني فلسطيني تضمن إنخراط (12 مليون) فلسطيني في معمعان النضال التحرري، أي حشد كافة الشرائح الوطنية الفلسطينية في الوطن وفي كافة أماكن الشتات، وعدم ترك غزة وحيدة تتحمل كلف النضال الوطني الفلسطيني، فبناء حركة تحرر وطني تعتمد مشروع متلازمية التحرر الوطني والتحرر الإجتماعي، هي الضامن لتحقيق أهداف النضال، وفي الوقت ذاته تشكل بديلاً موضوعياً عن منظومة الفصائل، التي تعتمد على مبدأ استقطاب فصائلي، يؤبد تفتيت المجتمع، عبر المحاصصة في المجتمع وفي مؤسسات العمل الوطني كافة، وللأسف هذا ما يحدث الآن، وحدث على مدى عقود النضال الوطني، وتعزز بشكل مفجع فوراً بعد وقف إطلاق النار.
• شرطية الانتصار تتطلب أن يأتي بناء حركة التحرر الوطني الفلسطيني في سياق إعادة بناء حركة التحرر الوطني العربي، وهي عملية نقيض لمقولة (يا وحدنا) .
على المستوى الفلسطيني
• يحتدم الصراع منذ عدة سنوات بين قطبين تابعين، سلطة الحكم الذاتي في الضفة من طرف، وسلطة حكم حماس في غزة من طرف آخر، فـتّـتت وحدة الشعب ومهدت للحملة الصهيونية الدموية ضد الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع: قتل وحرق وتدمير وسجن وتنسيق أمني بين السلطة والكيان الصهيوني، وقمع مشترك ضد المناضلين في الضفة ، سبق ومهد للحرب على غزة .
• الإنحيازات القاتلة لبعض الفصائل لمحور قوى التبعية في الصراع القائم على امتداد الوطن العربي وخاصة في سورية، والتردد القاتل لفصائل أخرى.
ما بعد الحرب على غزة
تعمدت قوى الاستقطاب الفلسطيني الإعلان بصراحة عن مشروعين تابعين ونهجين تابعين:
مشروعان إعتمدا في الجوهر سياسة "العزل الجيوسياسي" بين غزة والضفة، في فترة الحرب وفي فترة الهدنة، اليمين الفلسطيني التبعي - فتح وحماس - يسعيان إلى تكريس مرجعيتين للشعب الفلسطيني، مرجعية حماس بإسم "المقاومة" ومرجعية فتح بإسم "المفاوضات" يرفع يمين فتح شعار سلطة سياسية واحدة في القطاع والضفة، هي بالفعل وفي الواقع سلطة تابعة، مقابل إنحياز واضح للمكتب السياسي لحماس لصالح محور التبعية قطر – تركيا – التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وثم وجه آخر له هو محور التبعية مصر - السعودية - الكيان الصهيوني:
مشروع حماس غير المعلن: غزة "منطقة حرة" بميناء ضخم على البحر الأبيض مرتبط بطريق بري ونفق مع العقبة، ومن ثم طريق بري حول بحر الأحمر – بحر العرب – الخليج العربي، طريق بري مع كافة دول الخليج العربي، ليصبح الميناء حلقة الوصل بين الخليج وأوربا تجارياً.
متكامل مع مشروع فتح غير المعلن: الضفة ضمن "كونفدرالية الأراضي المقدسة" الكيان الصهيوني – السلطة الفلسطينية – الأردن، مقدمة لمشروع "تكتل البحر الأبيض - بحر العرب" يتكون من دول الخليج وكونفدرالية الأراضي المقدسة.
أين مشروع "القوى الوطنية والتقدمية واليسارية " الفلسطينية والعربية؟
لا يوجد مشروع بديل عن مشروع التحرر الوطني الذي يوحد ويحشد كافة شرائح الشعب الفلسطيني الوطنية الكادحة والمنتجة وفي كافة أماكن تواجدها (12 مليون) فلسطيني، ومن خلفه حشد كافة الشرائح الوطنية العربية الكادحة والمنتجة على امتداد الوطن العربي، لأنها شرائح لها مصلحة حقيقية في إنجاز مهمات مرحلة التحرر الوطني العربي، المتمثلة في كسر التبعية وتحرير الإرادة السياسية وتحرير الثروات الطبيعية والمقدرات الوطنية الهائلة، وتحقيق التنمية المتمحورة حول الذات، وتحقيق وحدة الأمة.
مشروع التحرر الوطني هو المشروع التوحيدي الوحيد القادر على تخطي الإنقسام التاريخي لأدوات النضال الفلسطيني القائم.
مشروع التحرر الوطني هو الرافعة الحقيقية لمحاربة حالة التشرذم العربي، والكفيل بخلق حالة النهوض لهذه الأمة العربية.
مشروع التحرر الوطني هو المشروع الذي يمّلك هذه الأمة مشروعها الخاص بها المستقل بجانب مشاريع الأمم الأخرى التي تتصارع في هذه المنطقة، وهو المشروع الذي يعكس الحالة القائمة - حيث العرب ساحة للصراع - إلى قوة من قوى الصراع.
المبادرة الوطنية الأردنية- بتصرف