الملف النووي الإيراني حرص على المفاوضات... وحذر من المتغيرات الدولية
انتهت مهلة ستة الأشهر التي تم الاتفاق عليها في البداية، انتهت في 20 من شهر تموز 2014، والاتفاق الذي خلصت إليه المفاوضات الماراثونية في الأسابيع الأخيرة هو تمديد المهلة أربعة أشهر إضافية، إلى تشرين الثاني القادم.
قبل أيام من نهاية مهلة ستة الأشهر، كانت آراء المتفاوضين تتباين بشدة حول التفاؤل والتشاؤم بالمفاوضات، خصوصاً بعد إعلان وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أن الاتفاق قد ينص على تثبيط تخصيب اليورانيوم تدريجياً، حتى الوصول إلى حدّه بعدد أجهزة التخصيب المركزي بشكل نهائي، بعد عدد من السنوات، دون تحديد عدد السنوات المقصود. في حين صرَّح وزير الخارجية الإيراني، محمد ظريف، أن الاتفاق قد ينص على خطة عمل تمتد لعدد من السنوات يتم خلالها إنجاز بنود الاتفاق بشكل تدريجي، دون الحديث عن تحديد عدد أجهزة التخصيب أبداً.
مرة أُخرى.. التفسير المتباين
الملاحظة المهمة هنا أن الطرف الإيراني أبدى مساحة في التفاوض حول تحديد عدد أجهزة التخصيب المركزي عند 9400 في الوقت الحالي، وهو العدد الذي كان فاعلاً عند عقد الاتفاق في تشرين الثاني 2013، مع وجود 9000 مركز تخصيب مبنية وجاهزة للتفعيل قبل وصول الرئيس روحاني، لكن يبدو أن النيّة الإيرانية إدخال هذا العدد من المراكز كورقة للتفاوض مع مجموعة 5+1.
لكن يظهر هنا حرص الطرفين على إبقاء الأبواب مفتوحة لعقد اتفاق مقبول بالحد الأدنى، ففي تصريح لظريف، أعلن إمكانية تجميد عملية بناء مراكز تخصيب جديدة لفترة لا تقل عن سبع سنوات، وهي المدة التي يمتد عليها العقد الإيراني - الروسي لتزويد إيران بالوقود اللازم لتلك المراكز. وبالمقابل، أعلن كيري أن 19000 مركز تخصيب هو عدد كبير، لكنه لم يحدد ما هو العدد «المقبول» لإتمام التفاوض.
عقبة الصواريخ البالستية الإيرانية
لعل أهم الإشكاليات التي اصطدمت بها المفاوضات، بعد موضوع أجهزة الطرد المركزية، هي إصرار مجموعة 5+1، وتحديداً فرنسا، على مناقشة مسألة صواريخ إيران البالستية، هذا الأمر استدعى رداً إيرانياً حاسماً، على لسان المرشد الأعلى، السيد علي خامنئي، وكبار قادة الحرس الثوري الإيراني، برفض الخوض في نقاش «الأمن القومي الإيراني»، وحتى التهديد بعودة إيران إلى إنتاج اليورانيوم المخصب 20% في حال فشل المفاوضات وإصرار الأطراف المقابلة على التدخل في الأمن القومي الإيراني.
وقد استنفر عدد من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني، وأعلنوا ضرورة الحذر من خطورة الاستمرار في المفاوضات مع التصريح عن هذه النوايا ــ المقصود الخوض في ملف الصواريخ البالستية ــ لدى الطرف المقابل.
ومع تزايد الضغوط على الرئيس الأمريكي أوباما من عدد من أعضاء الكونغرس المتشددين لفرض عقوبات جديدة على إيران، بما يخالف الاتفاق المبرم في 24 تشرين ثاني 2013، وتزايد التباين بين الغرب عموماً وبين الروس والصينيين في الرؤية المفترضة لحل الملفات الدولية العالقة، تبدو صراحةً السمة الأساسية للمفاوضات الإيرانية الغربية حول الملف النووي الإيراني، الحرص والحذر.. الحرص على إبقاء الأبواب مفتوحة قدر المستطاع، لاستمرار التفاوض بهدف عدم التفريط في اتفاق تاريخي بخصوص أحد أعقد وأصعب الملفات الدولية، والحذر الشديد من تحولات الموازين الدولية وما قد تفرضه من أوراق ضغط معاكسة على طاولة التفاوض، خاصة من جهة الأمريكيين والغرب، آخذين بعين الاعتبار تطور مجمل الملفات الإقليمية والدولية، التي تعطي مؤشرات غير مبشرة من وجهة نظرهم.