اجتماع الرباعية حول الأزمة السورية..مساحة جديدة للصراع
عقدت مجموعة الاتصال، المشكلة وفقاً لمبادرة الرئيس مرسي بخصوص الأزمة السورية، أول اجتماعاتها في القاهرة، وحضر الاجتماع ممثلو كل من مصر وإيران وتركيا، وغابت السعودية عن هذا الاجتماع دون ذكر الأسباب، وسط تجاهل إعلامي واضح لهذا الغياب.
اتفق جميع المتحدثين باسم الدول الحاضرة، عقب الاجتماع، على أنه من المبكر الحديث عن حل سريع للأزمة السورية، إلا أنه جرى تقارب في وجهات النظر. فقد أكد صالحي أنه اتفق مع الرئيس مرسي حول ضرورة إيجاد حل سلمي للازمة السورية، و «رفض التدخل الأجنبي في هذا البلد» مضيفاً أن «على الحكومة السورية أن تلبي مطالب الشعب السوري، لكن الحلّ يجب أن يكون سوريةً- سوريةً ولا يفرض من الخارج.»
وقال كامل عمرو، وزير الخارجية المصري «ناقشنا أفكاراً ومبادئ لحلّ الأزمة السورية، وتمّ الاتّفاق على استمرار التشاور..، ومن المبكّر الحديث عن حلول موضوعية»
بدوره أكد أوغلو أنه ينبغي الحفاظ على إقليمية الحل، وأنه يوجد اختلافات في العديد من القضايا.
لم تتعد نتائج هذا الاجتماع حدود المناورات الدبلوماسية للأطراف المشاركة فيه، إلا أنه يمثل من حيث المبدأ تقدماً في الموقف الإيراني الذي يدعم الحوار والحل السياسي كمخرج للأزمة، وانعكاساً لتراجع موقف الدول الداعمة للمسلحين في سورية، تحديدا تركيا والسعودية، إذ أن تراجع سيناريو التدخل الخارجي وضع هاتين الدولتين أمام ضرورة الانتقال إلى الصراع الدبلوماسي والسياسي. من ناحية أخرى تلقفت طهران مساعي الرئيس المصري محمد مرسي، في البحث عن دور إقليمي، بهدف إشراك مصر في العملية كطرف ضعيف، ولكنه لا يزال مهماً في دوره، ويسهل التأثير عليه من أجل إيجاد حل للأزمة السورية. وبدا الضغط الإيراني واضحاً في بعض التسريبات الإعلامية عن اقتراح الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ضم العراق وفنزويلا إلى مجموعة الإتصال، فقد قال علي أكبر صالحي إن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، اقترح ضم دولتين أخريين إحداهما العراق إلى المبادرة المصرية، باعتبار العراق دولة هامة قد تلعب دورها في التسوية، وأضاف أنه ليس بوسعه ذكر اسم الدولة الثانية، وقالت وسائل الإعلام إن الحديث يدور عن فنزويلا التي تعتبر دولة هامة في حركة عدم الانحياز.
يمكن إعادة التوازن إلى قوام مجموعة الاتصال، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن القيادة المصرية الجديدة أبدت تذبذباً كبيراً في موقفها من الأزمة السورية، من خلال التناقض ما بين الحديث عن مبادرة مصرية كفيلة بحل الأزمة في سورية، وتضمن مخرجاً آمنا منها، وما بين تصريحات مرسي المرتجلة في الصين تارة، وفي قمة عدم الانحياز تارة أخرى، حول ضرورة رحيل الأسد كشرط للخروج من الأزمة. بمعنى أنه لا يمكن للإيرانيين ضمان الموقف المصري من الإنزياح إلى الصف التركي السعودي، لذا فإن اقتراح ضم العراق وفنزويلا وربما لبنان، الذي لن يؤخذ به غالباً بالكامل، وربما يتم الموافقة على ضم العراق ولبنان إلى مجموعة الاتصال، ربما يكون كفيلاً في وضع الحل السياسي على سكته الطويلة.
يمكن قراءة غياب السعودية عن الاجتماع الأول لمجموعة الاتصال في القاهرة من زاوية إدراك السعوديين للتطور الذي أحرزه الموقف الإيراني، وفي أن السعوديين لم يحسموا خيارهم بعد في الفائدة المطلوبة من هذا الإجتماع، فهم أمام خيارين، إما الذهاب في مبادرة مرسي حول الأزمة في سورية إلى النهاية، ومحاولة اجهاض الحل السياسي من الداخل، أو الاعتكاف عنها ورفضها، إذا كان هذا الموقف أكثر فائدة لهم. ومن سيحدد مشاركة السعودية أو عدم مشاركتها، من زاوية الربح والخسارة، هم الأمريكان في نهاية المطاف.
يشكك الجيش الحر ومجلس إسطنبول في إمكانية نجاح هذه المبادرة منذ بدايتها، كونها لا تحمل إمكانية إعادة طرح التدخل العسكري الخارجي من جديد، أو ما يكافئ نتائجه، ويتفق هذان الطرفان بذلك مع الموقف الغربي من مجموعة الاتصال. ولا يختلف هذا الموقف من حيث الجوهر عن المواقف السابقة للأطراف المذكورة في رفض الحل السياسي والحوار، الذي تتناقض نتائجه المرتقبة مع نتائج المشروع السياسي المحمول على أجنحة التدخل العسكري، بعناصره المعروفة والمجربة في العراق ويوغسلافيا وليبيا، من تقسيم وتحاصص طائفي وصراعات أهلية..ألخ.
بدأت تتشكل ملامح انعطاف كبير في الأزمة السورية، من خلال تراجع المبادرات التي تنسجم والسياسات الأمريكية والأوربية في المنطقة، وتقدم المبادرات الداعمة للحل السياسي للأزمة من خلال الحوار في المقابل، وهذا بدوره هو نتيجة لانعطاف آخر على المستوى الدولي وصعود قوى جديدة مناهضة للهيمنة الأمريكية في المنطقة والعالم، الأمر الذي يفتح مساحات جديدة للصراع، لن تكون اللجنة الرباعية آخرها..