أحفاد الوعد المشؤوم
تعد شركة ماركس آند سبنسر Marks and Spencer أحد أكبر متاجر التجزئة البريطانية، إذ أن للشركة ما يقارب ال700 متجر في بريطانيا وحدها وأكثر من 400 في دول أخرى حول العالم.
يمكن تصنيف السلع المتوفرة في متاجر ماركس آند سبنسر حول العالم (بالملابس والإكسسوارات، الأدوات المنزلية، والمواد الغذائية) وتفتخر الشركة باستقطابها لسلع من أماكن مختلفة حول العالم. وقد أعلنت الشركة عن افتتاح أول متجر لها في الأردن في تاج مول (تاج لايف ستايل) عمان، في شهر كانون الأول من عام 2012.
شركة ماركس آند سبنسر معروفة - ومنذ تأسيسها - بدعمها المعنوي والتكتيكي والمادي للمشروع الصهيوني، وسنستعرض أدناه بعض الأدلة التي تثبت ذلك.
أولاً: الدعم المعنوي والتكتيكي
هناك ارتباطات مباشرة ومتعددة ما بين عائلة أحد المؤسسين الرئيسيين لشركة ماركس آند سبنسر (مايكل ماركس)، وما بين شخصيات ومؤسسات صهيونية مثل وايزمان وبن غوريون ومجلس الإتحاد الإنجليزي الصهيوني، حتى أن سايمون ماركس (ابن مايكل ماركس)، وإسرائيل سييف (رئيس الشركة ما بين السنوات 1964و1967) كانوا قد شاركوا بسلسلة اللقاءات التي نتج عنها وعد بلفور.
ثانياً: الدعم الإقتصادي
في عام 1990، كتب ماركس سييف كتاباً بعنوان «الإدارة على طريقة ماركس آند سبنسر» ذكر فيه أن أحد الأهداف الرئيسية لشركة ماركس آند سبنسر هو دعم التنمية الاقتصادية لـ«إسرائيل».
في عام 1998، قدّم نتنياهو جائزة اليوبيل للرئيس التنفيذي لشركة ماركس آند سبنسر، والتي تعتبر أعلى جائزة يقدمها الكيان الصهيوني لأكثر من دعمه اقتصادياً على مدار الـ 50 سنة التي سبقت.
في عام 2000، قدّر الدعم المقدم من شركة ماركس آند سبنسر للكيان الصهيوني بـ 233 مليون دولار سنوياً وفقاً ل Jerusalem Report.
يعتمد ماركس آند سبنسر على العديد من الشركات «الإسرئيلية» كموردّين، وبالتالي فإن متاجره تبيع العديد من السلع «الإسرائيلية»، وبشكل خاص السلع الزراعية وصناعات النسيج (الملابس)
على الصعيد الأردني
يعتمد متجر ماركس آند سبنسر/ تاج مول بالدرجة الأولى على قطاع الألبسة، ومن هنا نسلط الضوء على بعض الحقائق المتعلقة بهذا القطاع تحديداً.
تطرح شركة ماركس آند سبنسر العديد من منتجات النسيج المصنعة في الكيان الصهيوني، حيث تستورد سلع من اثنين من أكبر شركات صناعة النسيج «الإسرائيلية» وهما شركت ديلتا جليل Delta Galil وبولجات Polgat.
تعتمد شركة ديلتا جليل «الإسرائيلية» بشكل أساسي على شركتي تجارة تجزئة لبيع منتجاتها أحدهما شركة ماركس آند سبنسر، أي أن متاجر ماركس آند سبنسر منفذ رئيسي لطرح هذه المنتجات «الإسرائيلية» في الأسواق العالمية والعربية. لشركة ديلتا جليل مصانع في «المناطق الصناعية المؤهلة» في الأردن، حيث يتم إرسال النسيج الصهيوني إلى الأردن وإعادة تصنيعه وتصديره للخارج دون ذكر مصدر المنتج الأصلي (أي الكيان الصهيوني). تجدر الإشارة إلى أن المناطق الصناعية المؤهلة لم تعد بأي جدوى اقتصادية ذات قيمة على الأردن حيث لم تتعد العمالة الأردنية فيها ال22% من إجمالي العمالة وأن عوائد الخزينة العامة الأردنية من المناطق الصناعية المؤهلة أقل من1% سنوياً.
أمثلة على نجاحات حملة المقاطعة :
ساهمت حملات المقاطعة للكيان الصهيوني في أوروبا (نشط في هذه الحملة حوالي 20 مجموعة مناهِضة «لإسرائيل» تعمل في 13 دولة أوروبية) بشكل كبير في فشل شركة «اكريكسو» (Agrexco) وإعلان إفلاسها عام 2011، وقد كانت هذه الشركة أكبر شركة تصدير للمنتجات الزراعية الصادرة عن الكيان الصهيوني و 30% من أسهمها ملك للحكومة، حيث إنها في وقت من الأوقات كانت مسؤولة عن تسويق 60-70% من مجمل المنتوج الزراعي للأسواق العالمية وخاصة الأوروبية منها. وبالرغم من ضخ «الحكومة الإسرائيلية» مبلغ 55 مليون لانقاذ الشركة من الإفلاس أواخر عام 2010 إلا أنها فشلت في إخراجها من مأزقها المالي.
أحد أهم محافظ الاستثمار التابعة لأحد صناديق الضمان الاجتماعي الهولندي والمقدر ب97 مليار يورو سحبت استثماراتها من جميع الشركات الصهيونية (اتصلات، بنوك، شركات تعهدات وانشاءات، وغيرها) نتيجة ضغوط حملات المقاطعة المناهِضة «لإسرائيل».
بالرغم من تدفق الذهب المصنع الصهيوني إلى الأسواق المصرية (حيث وصلت قيمة التصدير من الكيان الصهيوني إلى مصر حوالي100 مليون دولار) إلا أن الضغط الشعبي المصري نجح في إصدار قرار من شعبة المشغولات الذهبية لوقف التعامل كلياً بالذهب الصهيوني في الأسواق المصرية.
يعود تاريخ المقاطعة الاقتصادية العربية للكيان الصهيوني على المستوى الرسمي إلى عام 1945، إذ كانت المقاطعة حازمة وتطال جميع المستويات (مقاطعة البضائع الصهيونية وتلك التي تدعم الكيان الصهيوني سواء بشكل مباشر أو غير مباشر). وقد أقر الكيان الصهيوني بتكبده خسائر تصل إلى 45 مليار دولار نتيجة لهذه المقاطعة ما بين الأعوام 1945- 1999، إلا أنه وللأسف الشديد فقد تخلت العديد من الأنظمة العربية عن مواقفها الصارمة اتجاه المقاطعة في منتصف التسعينيات جرّاء توقيع سلسلة من اتفاقيات «الاستسلام» المعلنة و غير المعلنة.
نتيجة لما سبق، فقد أصبحت البضائع الصهيونية أو تلك التي تدعم الكيان الصهيوني تجد طريقها بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الأسواق العربية، حتى بات المواطن العربي يقدم دعماً مالياً للكيان الصهيوني عن رغبة أو دون رغبة، وعن علم أو دون علم. وأصبح الأردن ليس مجرّد منفذ لطرح البضائع الصهيونية، بل أيضا معبراً لتمرير هذه البضائع إلى دول عربية أخرى. من هنا تنبع أهمية تفعيل المقاطعة على المستوى الشعبي، حيث بدأت مجموعات ضاغطة ومؤيدة للقضية الفلسطينية بإعادة إحياء ونشر مقاطعة الكيان الصهيوني، مستلهمة من التجربة النضالية في جنوب افريقيا والتي أنجزت نجاحات هامة.
الحركة الشعبية الأردنية لمقاطعة الكيان الصهيوني