مشاهد سيناريو الاتهام الأمريكي - السعودي لإيران تتسارع

مشاهد سيناريو الاتهام الأمريكي - السعودي لإيران تتسارع

تسارعت على نحو لافت في وقت إغلاق تحرير هذا العدد تداعيات الاتهامات الأمريكية لطهران بالضلوع في تحضير وتنفيذ محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير.

فبعد 24 ساعة من إطلاق تلك الاتهامات أفاد البيت الأبيض بأنه لا يستبعد «أي خيار من على الطاولة» في التعامل مع إيران في أعقاب كشف السلطات الأميركية «مؤامرة» مزعومة لاغتيال السفير السعودي، لكنه قال إن السياسة الأميركية تركز على تشديد العقوبات على هذه البلاد، وتعمل واشنطن مع حلفائها وفي الأمم المتحدة «لمواصلة عزل طهران»، فيما سارعت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس إلى إطلاع سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن بشكل فردي، على اتهامات إدارتها لإيران بالضلوع في «مخطط إرهابي»، دون أن تبين فيما إذا كانت ستسعى لاستصدار «إدانة» من المجلس أو أي إجراء آخر على خلفية المؤامرة المفترضة.

وبدوره قال جوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكي، إن إيران ستحاسب على «المؤامرة»، وأن إدارة الرئيس باراك أوباما تعمل على توحيد الرأي العالمي وراء رد أميركي محتمل، موضحاً «أنه عمل مشين لابد وأن يحاسب الإيرانيون عليه». وفي سياق متصل، اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التخطيط الإيراني لقتل السفير السعودي، «تصعيداً خطيراً»، داعية إلى إدانة دولية لطهران ومحاسبتها، وطالبت الدول الأخرى للانضمام إلى «إدانة هذا التهديد للسلام والأمن الدوليين».

أما على الطرف الآخر من الأطلسي فقد أصدر الاتحاد الأوروبي ودون أي تأخير عن المركز الأمريكي، قراراً ببدء سريان عقوبات جديدة بحق 3 وزراء إيرانيين و26 آخرين، محذراً طهران من أنها قد تواجه «تداعيات دولية خطيرة» من جراء التورط في «مؤامرة إرهابية» استهدفت السفير السعودي لدى واشنطن. وعلل الاتحاد الأوروبي تطبيق عقوباته الجديدة بأنها ترمى إلى الاستجابة «للقلق العميق حول وضع حقوق الإنسان في إيران».

بموازاة ذلك، أدانت الرياض بشدة «المؤامرة» ووصفتها بأنها محاولة «آثمة وشنيعة»، وأكد الأمير السعودي تركي الفيصل أن هناك أدلة دامغة على أن إيران وراء مخطط لاغتيال سفير السعودية في واشنطن، مشيراً إلى أن «كم الأدلة هائل.. ويظهر بوضوح مسؤولية إيرانية رسمية عن هذا. ولابد أن يدفع أحد في إيران الثمن»...!!

في المقابل، نفت طهران الاتهامات الأميركية بالضلوع في مؤامرة تستهدف سفارتي السعودية و«إسرائيل» في واشنطن، ووصفتها بأنها «حمقاء وصبيانية» محذرة من «مواجهة أشد قسوة» إذا فرضت عليها مواجهة ما. وفيما قدم سفير إيران لدى الأمم المتحدة شكوى تعبر عن الاستياء البالغ من الولايات المتحدة بعد اتهامها طهران بمساندة مؤامرة لاغتيال سفير السعودية، أعلن وزير الخارجية علي أكبر صالحي أن واشنطن «سوف تجبر على الاعتذار عن المزاعم التي ساقتها».

إلى ذلك، قال نائب قائد الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي أمي إن «المزاعم الأميركية حول ضلوع بعض أعضاء الحرس الثوري في الخطة الإرهابية المفبركة (التي تستهدف) دبلوماسياً من بلد عربي في واشنطن، سخيفة ولا أساس لها من الصحة». وأضاف أن هذه المزاعم بمثابة «سيناريو بال وليس له أساس، وتسعى الولايات المتحدة في الحقيقة إلى تحويل الرأي العام عن حركة الاحتجاجات في وول ستريت، وعن إخفاقاتها في تنفيذ سياساتها القمعية في منطقة الشرق الأوسط والعالم»..

وبين هذا وذاك يبدو أن الاتهام الأمريكي- الأوروبي لإيران ومحاولات التصعيد هذه تأتي في توقيت لا يخلو من معنىً عميق ورد أمريكي صهيوني غير مباشر، حيث يتزامن هذا التحرك «الدبلوماسي» المشبوه  مع تطورين لافتين داخل المنطقة وحولها، أولهما الصفعة المزدوجة الروسية- الصينية في مجلس الأمن من خلال الفيتو المشترك ضد مشروع قرار يجيز ضمنياً القيام بعدوان عسكري يستهدف سورية، وثانيهما الإعلان عن صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس والعدو الصهيوني، والتي تعزز نهج المقاومة في فرض شروطها على المعتدي المضطر للخنوع، من جهة، ولكنها من جانب آخر، وبالارتباط مع التطورين السوري والإيراني آنفي الذكر، ربما تشي بالتحضير لموجة أخرى من التصعيد العسكري المباشر في المنطقة وضد شعوبها..