الشفيع خضر لقاسيون: سنعمل حتى الثانية الأخيرة للحؤول دون تقسيم السودان..
التقت قاسيون الرفيق د. الشفيع خضر مسؤول العلاقات الخارجية باللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، رئيس تحرير صحيفته المركزية «الميدان » على هامش اللقاء اليساري العربي الذي انعقد في بيروت مؤخراً، وحاورته في موضوع الاستفتاء المصيري الذي ينتظر السودان في التاسع من شهر كانون الثاني القادم..
حاوره: جهاد اسعد محمد
• الرفيق شفيع مرحبا بك مجدداً على صفحات «قاسيون».. يقف السودان اليوم أمام حدث كبير بات على الأبوابً هو الاستفتاء على وحدة شماله وجنوبه، بكل ما قد يعنيه ذلك من بداية تقسيم هذا البلد الغني.. كيف تنظرون إلى هذا الاستحقاق المفصلي؟
- هذه القضية تحتاج إلى اهتمام بالغ بمختلف تفاصيلها، ورؤيتها بعمقها وأبعادها كافة حتى لا تضيع الحقائق، وحتى لا يضيع الدور الخفي الذي لعبته تاريخياً، وتلعبه الآن القوى الساعية لتفتيت السودان بغض النظر عن شعاراتها المعلنة، محاولةً استغلال الظروف الموضوعية الموجودة على أرض الواقع بشكل فعلي لتنفيذ مآربها الحقيقية.. في هذا الإطار لابد من القول إن الاستفتاء الذي سيجري في 9 يناير/كانون الثاني 2011، كان قد تم الاتفاق عليه منذ نحو خمس سنوات، وهذا الاتفاق الذي تم توقيعه في 2005 كانت الغاية منه عند توقيعه إعطاء فترة انتقالية لتقرير مصير جنوب السودان، ومنذ توقيع الاتفاق وحتى الآن، ونحن نعيش هذه الفترة الانتقالية، وقد كان من المفترض خلالها أن تقوم الأطراف الرافضة للتقسيم، وخاصة النظام، بالعمل على إرساء دعائم الحفاظ على وحدة السودان، لكن ذلك لم يحدث، بل لعل ما حدث هو نقيض ذلك تماماً..
والحقيقة أن هذه القضية القديمة التي ما تزال قائمة منذ عشرات السنين، أصبحت الآن في غاية التعقيد..
• يبدو في كلامك وكأن قضية انفصال الجنوب أصبحت أمراً واقعاً..
- لا يمكن التنبؤ بما قد يحدث، فالسودان رغم كل شيء يبقى بلد المفاجآت.. وكل شيء يمكن أن يحدث فيه، فهو كما يوصف في المسرح السياسي: بلد اللامعقول!!.
• ما موقف الحزب الشيوعي السوداني من قضية وحدة السودان؟
- موقفنا المبدئي كحزب شيوعي سوداني، هو المحافظة على وحدة السودان على أسس وطنية جديدة تراعي التعدد والتنوع الإثني والديني والثقافي في البلد، ونحن نرى أن الانفصال إذا ما حدث سيكون نتيجة لفشل النخبة السياسية السودانية في الاتفاق على مشروع وطني للحفاظ على وحدة السودان، وهذه النخبة بشكل عام تتحمل مسؤولية عدم قدرتها على صياغة مشروع وطني جامع منذ الاستقلال.
ولكن يمكن التأكيد هنا أن النظام الحاكم يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، لأنه في ظل عهده تأجج الصراع بمختلف مناحيه وأبعاده، وفي ظل عهده برز التزمت الديني، وبرز التباين بين شمال عربي مسلم وجنوب أفريقي مسيحي، وقد تعزز كل ذلك وتكرس، مع عدم التزام النظام بوضع برنامج وطني لوحدة السودان، وفي ظل استمرار رفضه لمشاركة القوى السياسية السودانية في العمل على ترسيخ هذه الوحدة، وجاء تفجر الأوضاع في دارفور وعجز النظام عن إيجاد حلول جدية للمشكلات الناشئة فيه، ليلعب دوراً سلبياً ويزيد الأمر تعقيداً..
• في حال تم التصويت على الانفصال، ما سيكون موقفكم كشيوعيين سودانيين، وكيف ستتعاملون مع الوضع الناشئ؟
- أولاً، نحن سنسعى بكل الوسائل لئلا تتجدد الحرب مرة أخرى بين الشمال والجنوب.. هذا في رأس الأولويات..
ثانياً، نحن مع أن يتم حسم أمر الاستفتاء في إطار التفاهم السياسي.. فإذا كانت هناك إمكانية للتأجيل فليكن التأجيل، وإذا كانت هناك إمكانية لتفاهم من نوع ما فنحن ندعم ذلك.. وقد قررنا بالاتفاق مع قوى أخرى العمل حتى الثانية الأخيرة للحؤول دون حدوث التقسيم.. لكننا في كل الأحوال مع إجراء الاستفتاء إذا لم يكن هناك تفاهم سلمي يقرر عكس ذلك.
ثالثاً، إذا حدث الاستفتاء، فنحن سنسعى لأن يكون حراً ونزيهاً وشفافاً دون أية ضغوط سواء من الساعين للانفصال أو من الداعين للوحدة، ولن نقبل بأي تدخل أو محاولة تزوير من أية جهة كانت.. لاشك أننا سندعو الناخبين لأن يصوتوا للوحدة، ولكننا لن نقبل بأي تزوير لإرادات الناس. رابعاً، إذا حدث الانفصال، فسيكون هدفنا الاستراتيجي الأساسي هو كيفية صياغة علاقة إستراتيجية أخوية بين الدولة الناشة والسودان، وسنمنع وجود أية أجواء عدائية بين الدولتين المنبثقتين من دولة واحدة، خصوصاً وأن هناك من سيسعى جاهداً إلى إحداث توتر وتوليد نزاعات بينهما على النفط والمياه والثروات...الخ.. كما سنستمر في العمل على إعادة توحيد السودان مرة أخرى على أساس وطني ديمقراطي.. ومواجهة كل محاولات التفتيت التي لن تتوقف أبداً..