بيان من «حركة اليسار المصري المقاوم»..
حققت ثورة 25 يناير انتصارات ملموسة أهمها حتى الآن اجبار الرئيس على التنحي، وتوجيه ضربات لعدد من رموز النظام وفتح العديد من ملفات الفساد ونهب ثروات البلاد.
لكن الثورة لا تزال في بداياتها، وما جرى حتى الآن كان فصلها الأول. وفي هذا الاطار فإن ثمة أخطاراً هائلة لا تزال تحيط بها من الداخل ومن الخارج على السواء. بهدف اجهاضها أو احتوائها وافراغها من مضمونها، والابقاء على النظام السياسي ـ الاجتماعي القائم، اكتفاء بتغيير في الوجوه دون المساس بالطبيعة الطبقية له أو بسياساته التي أوصلت البلاد الى الخراب، وهو ما يتعارض جذريا مع مطالب الثورة وقوى الفعل الثوري وما رفعته من شعارات أهمها «الشعب يريد اسقاط النظام» وليس مجرد السلطة.
ان المحاولات التي تجري من قوى داخلية وخارجية صهيو ـ امبريالية تركز فقط على مطالب ليبرالية سياسية، واغفال المكونات الثلاثة للموقف الثوري واستحقاقاته المستمدة من المطالب الثورية للجماهير باجراء تغييرات جذرية (ثورية) انما تفضي في الحقيقة لتكريس سلطة الطبقة الرأسمالية التابعة والعميلة.
إن الاستحقاقات الثورية تتمثل في الارتباط الذي لا ينفصم بين ما هو وطني في ارتباطه بالقضايا العربية، وبين ما هو طبقي (اجتماعي ـ اقتصادي)، وما هو ديمقراطي. وهى مكونات لسبيكة واحدة لا يمكن إغفال أي من مفرداتها.
لقد قدمت الثورة، والمرحلة السابقة على تفجرها، تضحيات هائلة، وشهداء يفوقون الحصر قدموا حياتهم من أجل الذود عن مصالح الوطن واستقلاله، ومصالح الشعب الكادح وآماله وطموحاته. وهو ما يفرض علينا الانتباه الى أن الاطاحة برأس النظام وبعض رموزه، لا يعني أن قواه المتمثلة في الطبقة الرأسمالية المهيمنة لا تزال على حالها. وأن من تم توجيه قدر من الضربات اليهم حتى الآن هم مجرد الجزء الظاهر من جبل الجليد (الهائل) العائم. وأن الطبقة تلملم نفسها وتستجمع قواها للانقضاض لتثبيت النظام والاستمرار في سلب الثروة والسلطة والدولة ذاتها. تستفيد في ذلك من الصوت الليبرالي العالي من النخبة السياسية المصرية (المحلية والمستوردة) التي تعمل بكل الحيل وبدعم اعلامي هائل على استقطاب شباب الثورة رغم تمتعه بطهارة ثورية عالية واخلاص للوطن والشعب. وهذا يمثل أحد أهم مكامن الخطر.
على ضوء ذلك فإننا نطرح على الجميع رؤيتنا. ونسعى مع حلفائنا من القوى الثورية الجذرية، لنصوغ معا قطبا ثوريا يصحح ميزان القوى، ويحول دون استلاب قوى الفعل الثوري بدءا من الطبقة العاملة والفلاحين والشباب وحتى سائر الكادحين. ولخوض الصراع الضاري الجاري ضد قوى الثورة المضادة المتمثلة في الامبريالية والصهيونية وعملائهم المحليين (والمستوردين).
أولا: المطالب الاجتماعية ـ الاقتصادية:
- تقرير حد أدنى للأجور والمعاشات تصل الى 1200 جنيه شهريا يجري تمويلها من الأجور التي تصل الى أرقام فلكية (بالملايين)، ووضع حد أعلى للأجور، وتقرير اعانة بطالة للعاطلين توازي نصف الأجر. مع ربط الأجر بالأسعار.
- تأكيد وتنفيذ الحقوق الاجتماعية في التعليم والعلاج المجانيين وغيرها التى حرم منها الشعب واقعيا.
- إيقاف كارثة الخصخصة وجرائم تشريد العمال، ووضع سياسة تشغيل للحد من البطالة.
- حل اتحاد العمال الحكومي ومحاكمة قياداته الفاسدة المعادية للطبقة العاملة، والغاء قانون العمل الموحد والعودة لقانون العمل السابق حماية لحقوق العاملين.
- إلزام كل المسؤولين في كافة المجالات (معينون ومنتخبون) بتقديم اقرارات ذمة مالية تشهر في وسائل الاعلام، وقابلة للطعن عليها.
ويبقى أن الهدف الرئيسي الذي ينبغي العمل عليه والتحضير له هو اعتماد سياسة اجتماعية ـ اقتصادية تقوم على خطط تنمية شاملة وملزمة. مستقلة ومعتمدة على الذات. تقضي على التفاوت الطبقي والخلل الاجتماعي الهائل وتحقق العدالة الاجتماعية. وتعود الى الاقتصاد المنتج متجاوزة الاقتصاد الريعي القائم.
ثانيا: المطالب الوطنية:
- إلغاء تعاقد تصدير الغاز الى العدو الصهيوني، والغاء اتفاقية الكويز. وفتح معبر رفح بشكل دائم.
- طرح اتفاقية الصلح مع العدو الصهيوني ببنودها العلنية والسرية لاستفتاء شعبي عام لتحديد الموقف منها.
- إنجاز مصالحة وطنية فلسطينية على قاعدة حق المقاومة المسلحة للاحتلال.
- رفض المعونة الأمريكية حيث تقررت كثمن لاتفاقيات الصلح مع العدو.
ويبقى أن الهدف الرئيسي هو عودة البلاد الى سياسة وطنية مستقلة وعلاقات دولية متكافئة ترفض الاملاءات من أي نوع، وعودة مصر الى دورها العربي المنحاز الى مصالح الشعوب الشقيقة وتحررها الوطني ومقاومتها.
ثالثا: المطالب الديمقراطية:
- إنهاء حالة الطوارئ والافراج الفوري عن المعتقلين السياسيين والغاء المحاكم الاستثنائية.
- إطلاق حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات والتظاهر والاعتصام والاضراب السلمي وإصدار الصحف.
- حل جهاز مباحث أمن الدولة. والحاق جنود الأمن المركزي بمكانهم الطبيعي وهو القوات المسلحة في خدمة العلم. ومحاكمة كل من أمر باطلاق النار أو استخدام العنف ضد متظاهري الثورة.
- إقالة الحكومة الحالية وحل حزب الرئيس المخلوع واعادة مقراته لملكية الدولة.
- استرداد الأموال المنهوبة ومحاكمة عائلة مبارك وكل ناهبي أموال الشعب.
ويبقى أن الهدف الرئيسي هو تحقيق الديمقراطية (أي حكم الشعب)، بما يعني أن تكون الثروة والسلطة للشعب حيث يستحيل الفصل بينهما. هذا هو جوهر الديمقراطية. لذلك فانه ينبغي التحضير لاصدار دستور جديد يتحدد فيه الموقف من قضية الملكية. لأن الملكية هى العمود الفقري لأي دستور. ولذا ينبغي أن ينص على ثلاثة أشكال للملكية، هى الملكية العامة (تقود التنمية)، الملكية التعاونية، الملكية الخاصة. وأن ينعكس ذلك على بناء الدستور. خصوصا فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية، والمواطنة المتساوية، والدولة المدنية. وأن يصدر بعد مرحلة انتقالية مناسبة تطلق فيها الحريات العامة، ويجري انتخاب جمعية تأسيسية لاعداده، ويقر ديمقراطيا باستفتاء شعبي عام. وأن تعاد صياغة البنية القانونية والتشريعية في البلاد وتنقيتها لتتوافق مع الدستور الجديد.
أخيرا فاننا إذ نحيي الجيش المصري، فاننا ندرك دوره التاريخي المصاحب لقيام الدولة المصرية قبل آلاف السنين، والذي كان حاضرا دوما في المنعطفات الحادة التي هددت الكيان الوطني. ونوجه له التحية لموقفه من الثورة والثوار والشهداء، ودوره في المعادلة الجارية.
كما نحيي شهداء الثورة الذين خطوا مسيرتها بدمائهم الطاهرة.