البيان الختامي للقاء اليساري العربي الاستثنائي
انعقد اللقاء اليساري العربي الاستثنائي في بيروت (18 – 19 شباط فبراير 2011 )، في ظروف ثورية جديدة تعيشها منطقتنا العربية بعد نجاح الثورتين الشعبيتين في كل من تونس (بإسقاط زين العابدين بن علي) ومصر (بإسقاط حسني مبارك). وركزت نقاشات اللقاء على أهمية استمرار الثورتين في مواجهة محاولات الثورة المضادة التي تقوم بها القوى الرجعية وفلول النظم المتداعية المدعومة من الامبريالية، بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، والصهيونية والرجعية العربية للالتفاف عليهما، ومن أجل تحقيق الأهداف التي قامتا عليها وهي إسقاط النظام في البلدين وبناء حكم وطني ديمقراطي تتحقق فيه العدالة الاجتماعية والمساواة والاستقلال الوطني.
لقد أحدثت الثورتان الشعبيتان في تونس ومصر نقلة نوعية في الحياة السياسية العربية، فأكدتا إن التغيير ممكن ضد أنظمة الاستبداد والقمع والفساد والاستغلال والإفقار ونهب الثروات ورهن الاقتصادات الوطنية لصندوق النقد والبنك الدوليين ورهن السياسات العربية للمشروع الأميركي الصهيوني الامبريالي في منطقتنا العربية. ورياح ثورتي تونس ومصر بدأت تهز الأنظمة العربية في الجزائر وليبيا واليمن والبحرين والعراق والكويت وغيرها من البلدان العربية.
إن ما نعيشه من مد جماهيري ثوري افتتح زمن التغيير العربي الذي فجره شباب وعمال تونس ومصر، وشاركت فيه المرأة العربية بفعالية. وهو يطرح علينا مهمة وضرورة توحد قوى اليسار العربي حول برنامج للتغيير الديمقراطي الاجتماعي في مواجهة قوى رجعية داخلية تحاول توظيف ثورتي تونس ومصر والاستفادة من الحالة الجماهيرية الثورية العربية لتمرير طروحات لا تحمل تغييراً جذرياً، بل تعيد إنتاج النظام القائم بأشكال جديدة من ناحية أولى، ومواجهة الهجمة الامبريالية الأمريكية والصهيونية من ناحية ثانية.
قررت القوى والأحزاب اليسارية العربية المجتمعة في بيروت إطلاق اسم «دورة شهداء ثورتي تونس ومصر والانتفاضات العربية الأخرى» على لقائها الاستثنائي، وخلص المجتمعون إلى مايلي:
1 - أكد اللقاء اليساري العربي الاستثنائي على دعم الأحزاب اليسارية العربية لثورتي تونس ومصر اللتين تشكلان النتيجة الحتمية للتراكمات النضالية المستمرة منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي ضد نظامي الديكتاتورية والعمالة والفساد. ووجه تحية إجلال لشهيدات ولشهداء وجرحى الثورتين الذين واجهوا أدوات القتل الديكتاتورية بإرادتهم الثورية وانتصروا عليها. كما وجه تحية إجلال لشهداء الانتفاضات الشعبية في وجه الأنظمة القمعية في اليمن والبحرين والعراق والأردن وليبيا والكويت وشهداء المقاومة في فلسطين ولبنان. وقرر التحرك من أجل تحرير جميع سجناء الكلمة والموقف السياسي في البلدان العربية والمعتقلين الفلسطينيين والسوريين والعرب في السجون الصهيونية.
2 - إن المهمة الأولى لقوى اليسار العربي، اليوم، تكمن في تحصين الحالة الثورية التي يعيشها عالمنا العربي وتجذيرها، باتفاقها على برنامج للتغيير يتحقق فيه الربط المنهجي النضالي بين المهام الوطنية ومهام التغيير الديمقراطي والاجتماعي. والمواجهة هذه تنطلق في موقع اليسار من إنتاج هذا التغيير ومن مقاومة الاحتلال والعدوانية الامبريالية، بزعامة الولايات المتحدة الأميركية والصهيونية. إن هذا المفهوم للمقاومة الوطنية يعطيها بعداً تحررياً يؤسس لحركة تحرر عربية جديدة يرتبط فيها البرنامج النضالي لتغيير الأنظمة القائمة، باتجاه إقامة أنظمة حكم وطني ديمقراطي علماني مقاوم للاحتلال ولكل سياسات العدوان الامبريالي والصهيوني، وللسياسات الاقتصادية النيوليبرالية. وفي هذا المجال جدد اللقاء اليساري قراره عقد لقاء اقتصادي متخصص لبحث تطورات الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على البلاد العربية وبلورة رؤية بديلة ذات بعد اشتراكي.
3 - يؤكد اللقاء اليساري العربي على أن القضية الفلسطينية كانت ولا تزال هي القضية المركزية للصراع العربي – الصهيوني، بما يتطلب إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، والعمل على إعادة بناء النظام السياسي على أسس ديمقراطية، وبناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيلها، والتمسك بالثوابت الوطنية حتى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وفق القرار 194. كما يؤكد اللقاء اليساري العربي أن الطريق الأساس لتحرير فلسطين يتم عبر خيار المقاومة بجميع أشكالها.
هذا، ويدين اللقاء اليساري العربي بشدة السياسة الأميركية المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني والتي كان آخر تعبير عنها الفيتو الأميركي في مجلس الأمن ضد مشروع ادانة سياسة الاستيطان وتهويد الأرض الفلسطينية.
4 - أكد اللقاء اليساري على دعم شعوب البحرين والجزائر وليبيا والأردن واليمن والكويت وكل الشعوب العربية في نضالها من أجل إجراء التغيير الديمقراطي، وأدان القمع السلطوي الدموي الذي تتعرض له. كما أكد على دعم نضال الشعب العراقي ضد الاحتلال والإرهاب ونهج المحاصصة الطائفية والإثنية ونضال الشعب السوداني ضد المشاريع الامبريالية التقسيمية.
وركز اللقاء اليساري على أولوية النضال من أجل الحريات الديمقراطية والعامة، بدءاً بحق التنظيم السياسي والنقابي، وعلى حق الطبقة العاملة وسائر الفئات الكادحة في الإضراب والاعتصام والتظاهر من أجل تحقيق مطالبها العادلة، وفي مقدمتها حق العمل.
5 - حيا اللقاء اليساري مقاومة الشعب اللبناني ضد العدوان الصهيوني المدعوم أميركياً، وأكد على دعمه للقوى اليسارية اللبنانية من أجل إسقاط النظام السياسي الطائفي الذي كان ولا يزال السبب الرئيسي في ضرب الانتماء إلى الوطن واستجلاب التدخلات الخارجية في شؤونه.
6 - توقف اللقاء اليساري عند دور الشباب في إطلاق الثورة الشعبية في كل من تونس ومصر، وفي الانتفاضات العربية الأخرى، ورأى أن هذا الدور يضع الأحزاب والقوى اليسارية أمام مهمة تقديم نفسها معبراً حقيقياً عن طموحات الشباب وأحلامهم، عبر تضمين برامجها مطالبهم وهمومهم الحياتية المباشرة وكذلك تطلعاتهم إلى التغيير، بحيث يستعيد اليسار موقعه ودوره بين الشباب.
ويؤكد اللقاء على ضرورة إجراء مراجعة تقييمية ووضع خطة سياسية مرحلية على الصعيد الشبابي والطلابي، من أهم مرتكزاتها بناء الكوادر الشبابية والطلابية اليسارية وإغناء تجربتها ونضالها من أجل الديمقراطية والحريات العامة والعدالة الاجتماعية، وإعطائها دوراً أكبر في الهيئات القيادية للأحزاب..
وفي هذا المجال، أعاد المشاركون التأكيد على القرار الذي اتخذه لقاؤهم السابق باقامة المخيم الشبابي العربي اليساري الأول تحت عنوان: «دور الشباب في الثورات الاجتماعية ومقاومة الاحتلال»، وذلك في بيروت ما بين 14 – 20 أيلول 2011 لمناسبة العيد التاسع والعشرين لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، على أن يكون منطلقاً للقاءات سنوية دورية.
7 - اتفق اللقاء على وضع خطة إعلامية مشتركة، تأخذ بعين الاعتبار الاستفادة من وسائل الاتصال والإعلام في النضال الذي تخوضه القوى اليسارية، وربط مواقع الأحزاب والقوى المشاركة في اللقاء اليساري العربي الاستثنائي في ما بينها، بحيث تكون المواكبة سريعة وفعالة. إضافة إلى العمل على إنشاء مركز إعلامي يساري عربي ووضع تصور لمحطة فضائية يسارية.
8 - قرر اللقاء اعتبار يوم الأحد الواقع في 20 آذار المقبل يوماً عربياً للاحتجاج على السياسات القمعية وسياسات الإفقار والتجويع والتبعية التي تنتهجها الأنظمة العربية.
9 - اعتبر اللقاء اليساري العربي الاستثنائي أن الورقة التي قدمها الحزب الشيوعي اللبناني والبيان الختامي الصادر عن اللقاء اليساري الأول مدخلين للنقاش من أجل صياغة برنامج للتغيير.