صقور واشنطن يضغطون من أجل ضرب إيران عسكرياً
جيم لوب جيم لوب

صقور واشنطن يضغطون من أجل ضرب إيران عسكرياً

كثفت شخصيات بارزة في صفوف المحافظين الجدد وغيرهم من صقور اليمين الأمريكي الذين تبنوا غزو العراق عام 2003، ضغوطهم على إدارة الرئيس باراك أوباما لتوجيه ضربات عسكرية ضد إيران على خلفية مؤامرة محاولة اغتيال سفير المملكة السعودية لدى الولايات المتحدة.

وتقود هذه الضغوط «مبادرة السياسة الخارجية» (FPI)، وهي الخليفة الإيديولوجية لمشروع القرن الأمريكي الجديد (PNAC)، التي لعبت دوراً حاسماً في حشد الدعم «لتغيير النظام» العراقي في أواخر التسعينيات.

وقد أرسلت هذه المجموعة نداءات للصحفيين يدعو فيها اثنان من قادتها لاتخاذ إجراء عسكري ضد إيران.

وفي عموده بصحيفة «ويكلي ستاندرد» تحت عنوان «تكلم بهدوء... لكن رد بشراسة»، صرح رئيس التحرير وليام كريستول، المؤسس المشارك لكل من مبادرة السياسة الخارجية ومشروع القرن الأمريكي الجديد، أن المؤامرة المزعومة إنما تعد بمثابة «دعوة مؤكدة من جانب طهران» لاستخدام القوة ضدها.

وكتب: «يمكننا ضرب الحرس الثوري الإيراني وإضعافه. كما يمكننا ضرب برنامج الأسلحة النووية وإعاقته»، مضيفاً أنه يتوجب على الكونغرس الموافقة على قرار يجيز استخدام القوة ضد الكيانات الإيرانية التي تعتبر مسؤولة عن الهجمات على القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان، وأعمال الإرهاب، و«برنامج الأسلحة النووية» للنظام الإيراني.

وأيد جايمي فلاي، المدير التنفيذي لمبادرة السياسة الخارجية FPI وجهة نظر كريستول، ودعا الرئيس باراك أوباما للسير على خطى الرئيسين السابقين رونالد ريغان وبيل كلينتون عندما أمرا بالضربات الموجهة ضد ليبيا في عام 1986 والعراق عام 1993، على التوالي، كرد على مؤامرات إرهابية مزعومة ضد أهداف أمريكية.

«لقد حان الوقت لأن يتبع الرئيس أوباما من سبقوه، وأن يقف في وجه الطغاة الذين يقتلون الأميركيين ويهددون مصالحنا»، حسبما كتب فلاي الذي عمل بمجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع في عهد جورج دبليو بوش في الطبعة الإلكترونية لصحيفة «ناشوينال ريفيو».

وأضاف «لقد حان الوقت لاتخاذ عمل عسكري ضد عناصر الحكومة الإيرانية التي تدعم الإرهاب وضد برنامجها النووي. زيادة الجهود الدبلوماسية لا تمثل استجابة كافية».

هذه النداءات التي تطلقها مبادرة السياسة الخارجية تلقى صدى لدى صقور الحرب العراقية السابقين، مثل سفير بوش السابق لدي الأمم المتحدة، جون بولتون، وراؤول مارك جيريشت في مؤسسة المحافظين الجدد للدفاع عن الديمقراطية (FDD).

وتأتي في وقت يواصل فيه المحللون السياسيون النقاش حول مصداقية المؤامرة المزعومة ضد السفير السعودي، عادل الجبير، وكيفية رد الفعل إذا كانت مدعومة من قبل أعلى المستويات في طهران، كما تدعي الإدارة الأمريكية.

فقد طرح الخبراء تساؤلات واسعة النطاق حول احتمال كون المؤامرة حقيقية فعلاً– وما إذا حصلت بالفعل على دعم الجهات العليا في طهران.

وتباينت ردود الفعل من غالبية المتخصصين في الشؤون الإيرانية، بما في ذلك مسؤولو الحكومة والمخابرات السابقين، بين التشكيك الصريح والحيرة حول ما الذي كانت تأمل طهران في تحقيقه إذا نجحت مؤامرة اغتيال السفير السعودي على الأراضي الأمريكية.

«لا شيء... مما يحير العقل فعلاً»، هكذا كتب فالي نصر، الباحث بمعهد بروكينغز، في رد فعله على المؤامرة المزعومة.

وأضاف «إذا كان هذا صحيحاً، فهو يدل على سوء تقدير كبير من جهة طهران، فهي مغامرة جريئة ومتهورة كان من شأنها أن تدخل التاريخ كأعظم غلطة يرتكبها النظام الإيراني مما سيضعف موقفه الدولي، بل ويهدد استمراره في السلطة».

أما خبراء مكافحة الإرهاب الذين على دراية بقوة النظام الديني الإيرانية، ووحدة النخبة في الحرس الثوري الإسلامي المتهمة برعاية هذا المخطط، فهم أكثر تشككاً في اعتماد الخطة على بائع السيارات الإيرانية الأمريكية المستعملة، لإجراء اتصالات مع عضو مزعوم في كارتل المخدرات في المكسيك «زيتاس» لترتيب عملية الاغتيال.

فقد تبين أن الأخير هو مخبر لإدارة مكافحة المخدرات الأمريكية (DEA)، وفقاً للشكوى التي صحبتها ضجة كبيرة من قبل النائب العام مؤخراً.

«مريب، مشكوك فيه، ومريب جداً»، هذا ما قاله بروس ريدل، أحد المخضرمين بوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) والمسؤول السابق عن منطقة الشرق الأدنى وجنوب آسيا في مجلس الأمن القومي، وذلك عندما طلب منه توضيح رأيه.

ومن جهة أخرى قال روبرت باير، وهو ضابط ميداني سابق في الشرق الأوسط بوكالة المخابرات المركزية، وهو يقارن بين المؤامرة على النحو المبين بأنها «تشبه سيناريو هوليوود الرديء جداً». «فلا شيء من تفاصيلها يتعلق بمهارة إيران غير المسبوقة في تنفيذ عمليات الاغتيال»، حسبما ذكر على صفحات الموقع الإلكتروني لمجلة تايم.

وبدوره، كتب العقيد بات لانغ (متقاعد)، كبير محللي وكالة استخبارات الدفاع السابق في الشرق الأوسط وجنوب آسيا على مدونته Sic Semper Tyrannis: «ما هي الأسباب التي تدفع إيران إلى الاعتماد على أشخاص لم يتم اختبار قدراتهم... غير مدربين وغير موجهين، وغير منضبطين، وذلك بدلا من الاعتماد على مواطنيها؟».

وأضاف لانغ «الاحتمال الأقوى هو أن هذه «عملية معلوماتية» تخص جهة ما وتهدف لتحريك المواقف العامة بهذا الاتجاه لغرض ما».

ومع ذلك، لم تمنع هذه الشكوك الإدارة الأمريكية والمشرعين الرئيسيين أو صقور العراق السابقين، من الدعوة للرد بشكل حاسم.

بل إن الرئيس أوباما نفسه صرح أنه سيدفع باتجاه «أقسى العقوبات» ضد إيران من جانب حلفاء الولايات المتحدة ومجلس الأمن، في حين صرح كبار مسؤولي وزارة الخزانة بأنهم يفكرون في وضع البنك المركزي في إيران على القائمة السوداء، وهي خطوة تتمتع بدعم قوي من الحزبين في الكونغرس، ولاسيما من المشرعين الأكثر ارتباطاً باللوبي الإسرائيلي، حتى قبل الكشف عن المؤامرة المزعومة.

إلا أن عدداً من صقور العراق السابقين، الذين لا يشك غالبيتهم في جدية أو أصل هذه المؤامرة، يدعون لاتخاذ إجراء عسكري.

فكتب جيريشت، وهو مؤيد رئيسي لغزو العراق عندما كان في معهد اميركان انتربرايز (AEI) في عمود نشر ضمن افتتاحية المحافظين الجدد بصحيفة وول ستريت جورنال: «مزيد من العقوبات ليست فكرة سيئة... لكن العقوبات لن تخيف (النظام)، والبيت الأبيض بحاجة للرد عسكرياً على هذا الاعتداء، وإذا لم نرد عسكرياً... فسوف نعرض أنفسنا للمشاكل».

وانضم أندرو مكارثي، وهو أيضاً من مؤسسة المحافظين الجدد للدفاع عن الديمقراطية (FDD) إلى مجموعة الإنترنت في مجلة ناشيونال ريفيو: «بطبيعة الحال، هناك مجموعة من الاستجابات السياسية الممكنة، ولكن بالنظر لحملتها العدائية على مدى ثلاثة عقود، يجب أن تكون الاستجابة لإيران عسكرية وحاسمة- لابد من تدمير النظام».

وجاءت دعوة مبادرة السياسة الخارجية (FPI) للقيام بعمل عسكري لافتة للنظر، ربما لأن ثلاثة من المدراء الأربعة- إريك إيدلمان، روبرت كاغان، ودان سينور- تم اختيارهم مؤخراً كمستشارين رئيسيين لميت رومني، المرشح الأوفر حظاً للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة في 2012.

ومثل كريستول، كان كاغان أحد مؤسسي مبادرة السياسة الخارجية ومشروع القرن الأمريكي الجديد على حد سواء، وداعية متشدد في مسألة غزو العراق، في حين خدم دان سينور في العراق في فترة ما بعد الغزو كمسؤول كبير في سلطة التحالف المؤقتة.

أما إدلمان، الذي كان سفيراً لدى تركيا في ذلك الوقت، فقد حشد تأييد الجيش لدعم الغزو في عام 2003، وعمل كوكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسة في عهد الوزير السابق دونالد رامسفيلد.

وعلى الرغم من أن رومني التزم الصمت حتى الآن حول كيف يتوجب على واشنطن أن ترد على هذه المؤامرة المزعومة، إلا أن عدداً من مستشاريه الذين ناصروا غزو العراق قد نادوا منذ فترة طويلة بتحويل التهديدات الأمريكية بعمل عسكري ضد إيران، إلى ما هو أكثر مصداقية.

• (آي بي إس)