مصر وإيران : علاقات طارئة.. أم بداية استراتيجية؟

مصر وإيران : علاقات طارئة.. أم بداية استراتيجية؟

تشهد العلاقات المصرية مع إيران تحولات جديدة ومثيرة للاهتمام في ضوء الواقع الإقليمي والدولي الراهن وتسلم تنظيم الإخوان المسلمين السلطة في مصر. فبعد قطيعة دامت نحو 30 عاما ً تعود الزيارات الدبلوماسية لتشغل حيزاً واسعاً من الأحاديث حول مستقبل العلاقات بين مصر وإيران

أسباب القطيعة

عاشت الدولتان قطيعة تامة منذ توقيع مصر معاهدة كامب ديفيد مع «إسرائيل»، وهروب الشاه الإيراني علي رضا البلهوي بعد الثورة الإيرانية إليها، وازدادت توتراً في عهد مبارك إثر استمرار سياسة التطبيع مع «إسرائيل» وإغلاق المعابر إلى غزة، وتبني إيران دعم حركات المقاومة في فلسطين ولبنان، كما كانت تسمية أهم شارع في إيران باسم خالد الإسلامبولي -هو من اغتال الرئيس أنور السادات- علامة فارقة في العداء الشديد بين نظامي البلدين. أدى الاختلاف القائم بين البلدين على أساس القضايا الوطنية في المنطقة، إلى خلاف سياسي على مدار عشرات السنين اتجهت خلالها مصر نحو الولايات المتحدة و»إسرائيل» العدو الاستراتيجي لإيران.

نشاط دبلوماسي إيراني

بالرغم من وقوف الولايات المتحدة خلف علاقات الإخوان وتحالفاتهم في المنطقة، فقد سعت إيران إلى استمالة الحكام الجدد في مصر مابعد الثورة، في مساعٍ منها لاستعادة الوزن القومي والإقليمي لمصر في وجه الولايات المتحدة، وجاءت زيارة الرئيس مرسي لإيران لحضور قمة دول عدم الانحياز التي عقدت في شهر آب 2012، اجتمع خلالها مع نظيره الإيراني أحمدي نجاد اجتماعاً قصيراً، تم فيه اتفاق لفتح سفارتين للبلدين وإعادة الحياة السياسية بينهما. كما قام وزير خارجية إيران بزيارة مصر في أيلول من العام نفسه، وبحث فيها تطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين وقد وصف صالحي الزيارة بالإيجابية حينها، إلا أنه قوبل بهجوم عنيف من الإسلاميين في مصر، حيث أعلنوا رفضهم للعلاقات مع الإيرانيين ومحاربتهم لما يسمى «المد الشيعي» في المنطقة، وكان على رأس هذه القوى جماعات سلفية وإسلامية محسوبة على دول الخليج.

إثر ردود الأفعال هذه تناقلت الصحف الأمريكية و»الإسرائيلية» تخوفها من تطور العلاقات بين إيران ومصر بحجة الخشية من الانقسام في مصر، في حين صرحت السعودية وقطر أن عودة العلاقات المصرية الإيرانية قد تضر بأمن الخليج!

 طمأن الرئيس مرسي داعميه في الخليج قائلاً: إن «أمن الخليج لن يمس»، ثم شهدت مصر زيارة الرئيس نجاد مصر في شباط 2013 لحضورالقمة الإسلامية الثانية عشرة، حيث أبدى الرئيس نجاد الرضا عن تلاقي وجهات النظر بينهما حول ضرورة الخروج من الأزمة في سورية عبر الحل السياسي وعدم التدخل في شؤون سورية التي كانت محوراً هاماً في القمة، ورغبته في جعل مصر حليفاً استراتيجياً لإيران، وتم توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية، منها مايخص الصناعات النفطية والسجاد والصناعات الثقيلة ومد مصر بالغاز بالإضافة إلى إحياء بنك «إيران- مصر» وإلغاء تأشيرات السفر بين البلدين وتوقيع معاهدات سياحية وتسيير رحلات الطائرات بين البلدين ومجموعات الحجاج الإيرانيين، وأخيراً جاءت زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير اللهيان 31 آذار 2013 لبحث آخر التطورات في المنطقة وقد أكد على إيجابية اللقاء وتوافق وجهات النظر حول الأزمة السورية وانعكاسها على المنطقة والتزام الطرفين بمبادرة الإبراهيمي والمبادرة الرباعية.

 مخاوف الإخوان

إنه من اللافت أن نسمع التصريحات من الجانب الإيراني عن إيجابية عودة العلاقات  في حين تقل من الجانب المصري وتصدر مترددة وخجولة ومتقلبة،  وتبدو مصر في سياق فتحها للعلاقات مع إيران، متوجسة من رد الفعل الخليجي والأمريكي بحكم العلاقة القوية التي تربط الإخوان بهم وضغط القوى الإسلامية المتشددة والمحسوبة على دول الخليج، وهو ما يجعل من استقلال القرار السياسي المصري في هذ الشأن وحتى في غيره سيكون صعباً في ظل السلطة السياسية الحالية، التي تعتمد بشكل كبير على الرضا الغربي والدعم المالي الخليجي، ما يزيد من ضغط الشارع الذي يتساءل عن مبرر التردد في العلاقات مع إيران، مقابل الإسراع في إرسال السفراء بكل ود إلى الكيان الصهيوني.