هل يحترق الإقليم؟

هل يحترق الإقليم؟

من الممكن التساؤل اليوم حول أنه فيما لوكان احتمال التدخل العسكري المباشر في سورية قد أُجهض دولياً عبر الفيتو الروسي الصيني، وهو ما اُستتبع عملياً بالتواجد الكبير للقوات الروسية قبالة السواحل السورية، فكيف سيحاول الغرب العمل على إمساك زمام المبادرة من جديد؟!

بداية علينا الإنطلاق من فكرة مفادها أن الغرب والأمريكيين تحديداً ورغم استمرار تراجعهم لن يتخلوا عن أهدافهم الرامية إلى تفتيت المنطقة الممتدة من قزوين إلى اليمن بغية تسهيل السيطرة الكاملة عليها لأجل إعادة تقاسم ثروات هذه المناطق والخروج من أزماتهم الاقتصادية المستمرة.

وعلينا  أن نسجل أيضاً وبشكل متوازٍ استمرار كل من روسيا والصين وحلفائهم في العمل على تشكيل جبهة مناهضة للقطب الغربي الإمبريالي وأهدافه، وذلك عبر مساعيهم سحب المبادرة من أيدي الغرب، وهو ماشهدنا عليه مثالاً حياً في الآونة الأخيرة من خلال درجة التصعيد الحازمة ضد الولايات المتحدة وحلفائها في شبه الجزيرة الكورية.

تسخين أردني

من الممكن اليوم توقع الرد الأمريكي على التقدم الروسي في الأزمة السورية، وذلك بعد نجاح الروس من حيث المبدأ بفرض فكرة الحل السياسي كبديل عن التدخل العسكري المباشر وغير المباشر.

يلحظ كل المتابعين اليوم وبالتوازي مع استعصاء التقدم بالحل في الأزمة السورية تسخين الوضع عبر ملف «الأسلحة الكيماوية السورية «، يضاف إلى ذلك  التصعيد على جبهتين هما الداخل العراقي والحدود الأردنية السورية، حيث بات واضحاً للقاصي والداني أن النظام الأردني قد تراجع إلى حد بعيد عن فكرة «الحياد» في الملف السوري، وتجلى ذلك من خلال مايتم تناقله إعلامياً ورسمياً اليوم حول نية الأمريكيين نشر 20 ألف جندي أمريكي على الحدود الأردنية - السورية واحتمال نشر صواريخ الباتريوت هناك والسماح لـلطيران الحربي الـ»إسرائيلي» باستخدام المجال الجوي الأردني.

احتمالات اشتعال العراق

لايخرج العنف المتصاعد يومياً في العراق عن تعقيدات الوضع الإقليمي، فهو ناجم عن الكثير من التعقيدات الداخلية، فمنها ما هو متعلق بالفساد ومخلفات الاحتلال والخطاب الطائفي والجهات المسلحة غير الشرعية، ناهيك عن العديد من الأسباب الخارجية أيضاً والمرتبطة  تحديداً بدفع الأمريكيين الشارع العراقي إلى الانجرار مجدداً إلى حالة الفوضى. ظهرت هشاشة الوضع العراقي سريعاً فانتعشت التفجيرات الدموية وارتفع مستوى التشنج الطائفي، ووصلت الأمور إلى مستويات خطيرة جداً حين اشتبكت قوات الأمن مع معتصمين عراقيين  محتجين على سياسات المالكي في منطقة الحويجة مما أدى إلى سقوط ضحايا وفقاً لوسائل الإعلام، وتبعها لاحقاً سيطرة قوى مسلحة على بعض المناطق العراقية في تكريت واشتباكها مع الجيش العراقي وقوات الأمن، والدعوات لتشكيل جيش آخر تحت اسم جيش «العزة والكرامة».

المستوى الجديد من الردود

يتضح مما سبق أنه كلما فشل الغرب بحسم المعركة من الخارج انتقل للتصعيد الداخلي بطرق شتى، لكن التصعيد الداخلي اليوم لم يعد مقتصراً على الداخل السوري وحسب بل إنه يشهد انتشاراً سريعاً،  وذا أبعاد إقليمية تتجاوز حدود الأزمة السورية ربما، الأمر الذي قد يفتح على تساؤلات جديدة حول مايعنيه حجم التحضيرات والتوتيرات الأمريكية في المنطقة، فإشعال دولتين كالعراق والأردن لايعني فقط معاودة توجيه الضربات نحو الداخل السوري وحسب، بل يعني إلى حد بعيد استدراج قوى إقليمية أكبر حجماً كالإيرانين مثلاً. إن هذا المستوى من التوتير سيستدعي رداً بكل تأكيد من المحور المناهض للأمريكيين  لكن الرد هذه المرة قد يتطلب توسيع رقعة الفرجار بشكل أوسع من ذي قبل.