قمة الارض، الحل في مكان آخر!

قمة الارض، الحل في مكان آخر!

انتهت مؤخراً في العاصمة البرازيلية «ريو دي جانيرو» قمة الأرض التي ناقشت العديد من الملفات الساخنة المتعلقة بكوكب الأرض سواء كانت تحديات اجتماعية أو بيئية، والبيان الختامي حسب ما ورد فيه لا يتعدى كونه إعلان نوايا يذكر في متنه فعلاً تلك التحديات الأساسية التي تواجه الحضارة البشرية، ولكن، كالعادة، دون إقرار أية إجراءات ملموسة.

فجددت قمة ريو التأكيد على تعزيز «اقتصاد أخضر» يحافظ على الموارد الطبيعية ويقضي على الفقر، وركزت الوثيقة الختامية أيضاً على تعزيز المساواة بين الجنسين، وتشدد على ضرورة إشراك المجتمع المدني ودمج العلم في السياسات. ومن المشاكل الرئيسية التي ناقشتها القمة كان الجوع والفقر والتصحر واستنفاد ثروات المحيطات والتلوث وتدمير الغابات وخطر انقراض آلاف الأنواع العضوية. مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا التقييم ينطلق من حقيقة أن كل التعهدات السابقة لم تنفذ، وأن القرارات لن تجد من يلتزم بها وخصوصاً من الدول الكبرى!!

وبموازاة قمة الأرض عقدت مجموعة من المنظمات «قمة الشعوب» التي لها رأي آخر، إنما كل ذلك لا يغير من حقيقة المصير المأساوي الذي يهدد الكوكب وحسب قول « كومي نايدو» المدير التنفيذي لمنظمة «غرين بيس انترناشنال» فإنه «يتم إعادة ترتيب الكراسي على متن التيتانيك وهي تغرق»!!

وبالفعل الأمر يبدو كذلك طالما أن المعالجة ليست جذرية، فجميع التحديات المنتصبة أمام البشرية تعود إلى سبب أساسي وهو طبيعة علاقات الإنتاج السائدة على مستوى الكرة الأرضية فالرأسمالية التي امتدت أفقيا وعمودياً إلى كل مكان  أنتجت جملة تحديات أمام الحضارة البشرية، وهي تحديات نابعة من الطبيعة الداخلية للرأسمالية كتشكيلة اقتصادية اجتماعية، وخصوصاً بعد أن صارت رأسمالية ربوية، وبعد أن سلعت كل شيء بما فيها تلك القيم التنويرية التي أنتجتها في بواكير نشوئها، كل شيء خاضع لمبدأ الربح في ملكوت صاحب الجلالة (رأس المال) وفي ظل هكذا نمط (إنتاج) من الطبيعي أن يتراجع التعليم، طالما أنه قطاع خدمي لا يدر ربحاً، ومن الطبيعي أن تتراجع الخدمات الصحية وبالتالي تتزايد الأوبئة والأمراض. وطالما أن هناك فائض إنتاج في السلاح فمن الطبيعي أن تندلع الحروب ويذهب المزيد من القتلى، ومن الطبيعي أن يتم التعدي على الطبيعة وتدمر الغابات ويتلوث الهواء، و... و...

إن معالجة حقيقية في ظروف اليوم للقضايا التي تواجه الجنس البشري يكمن حلها فقط بتجاوز الرأسمالية التي تحولت إلى مالتوسية غير معلنة، والانتقال إلى نظام آخر ديدنه تحقيق الشرط الأساس وهو تامين الحاجات المعنوية والمادية للإنسان.