اليورو بين تفاؤل ميركل وتشاؤم لاغارد!

اليورو بين تفاؤل ميركل وتشاؤم لاغارد!

 دعت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد قبل أيام القادة الأوروبيين إلى التحرك بسرعة لإخراج منطقة اليورو من الأزمة المستمرة فيها، محذرة من أن أوروبا «في مفترق طرق»

وحسب خطاب لاغارد الذي ألقته في نيويورك الجمعة الفائتة، فإن أوربا أمام اختبار حيث «بعد خمس سنوات من الأزمة، ما زال هدفنا النهائي الذي يتلخص بإعادة الاستقرار وإنعاش النمو، وإراداتنا السياسية يواجهان اختباراً» ولم تكتف لاغارد بذلك وهي العارفة بتفاصيل وضع الاقتصاد الأوروبي والتي تتحدث عنه بعيداً عن البراغماتية السياسية كقادة الاتحاد الأوربي وبرودة أعصابهم بل ذهبت إلى القول بأنه «ما زلنا بعيدين جداً عن هدفنا وبالرهانات التي تتزايد يوما بعد يوم، نحن في مفترق طرق».

وما يجب الانتباه إليه هنا هو أن تصريحات لاغارد هذه تأتي رداً على المستشارة الألمانية انغيلا ميركل التي تدعو إلى عملية أوروبية طويلة الأمد من أجل بناء أوروبا سياسية موحدة بينما يطالب شركاؤها بحلول مباشرة.

وقالت لاغارد أنه «على المسؤولين السياسيين وضع وتطبيق خارطة طريق واضحة لانجاز العمل، ليس خلال خمسة أو عشرة أعوام بل في الأسابيع أو الأشهر المقبلة».

إلى ذلك  قالت موديز انفستورز سرفيس في بيان إن خروج اليونان من اليورو قد يهدد وجود العملة ذاتها.

وأضافت موديز يوم الجمعة أن للتطورات في النظام المصرفي لاسبانيا والتي قد تتطلب حزمة إنقاذ أوروبية تداعيات سلبية على التصنيف السيادي لمدريد.

أما رأي وكالة التصنيفات الائتمانية فهو «إذا تركت اليونان اليورو بما يهدد استمرار العملة فإنه سيكون علينا أن نراجع كل التصنيفات السيادية لمنطقة اليورو بما في ذلك لتلك الدول الحاصلة على أعلى التصنيفات»

وقالت موديز أن خروج اليونان من منطقة اليورو سيؤثر بشكل خاص على التصنيفات السيادية لقبرص والبرتغال وإيرلندا وايطاليا واسبانيا.

وحسب رأي ايف لوماي محللة التصنيف السيادي لدى موديز في لندن  فإن بعض الأعضاء الآخرين بالاتحاد الأوروبي قد يتأثرون أيضاً نظراً للعلاقات المالية والتجارية الوثيقة بين أعضاء الوحدة النقدية والاتحاد الأوروبي.

تبدو جملة هذه الآراء المتناقضة بين ممثلي المؤسسات المالية المختصة التي تعتمد على الأرقام في قراءة الوضع وتصريحات السياسيين أن كل الحديث عن إمكانية الخروج من الأزمة الاقتصادية هو وهم وقبض للريح، طالما أنه تتم معالجة الأزمة استناداً على البنية نفسها التي أنتجتها أي بنية النظام الرأسمالي المالي الربوي، وتشير توقعات المحللين الاقتصاديين أن الأزمة ستشهد فصولاً أقسى مما شهدته حتى الآن وهي أي الأزمة هي بمثابة ثقب اسود لاتنفع معه لا ضخ المزيد من رؤوس الأموال، ولاجدولة الديون، ولا التعدي على المنجزات الاجتماعية التي حققتها ما سميت بدولة الرعاية الاجتماعية يوماً ما، وإن كل ذلك إذا ما لعب دوراً فهو سيكون دوراً ترقيعياً ومؤجلاً فقط للنتيجة الحتمية للازمة الراهنة وهو انهيار المنظومة التي أنتجتها.

وفي هذه الظروف نلمس تزايد المخاوف لدى دول كثير ومؤسسات مالية عالمية من انهيار اليورو الأمر الذي يدعوها إلى عدم الاستثمار في منطقة اليورو، وهذه ما يمثل تحديات اضافية وجديدة امام حظوظ اليورو في البقاء كعمله عالمية وفي هذا السياق  قررت شركة الاستثمارات الصينية (CIC)، الصندوق السيادي التابع للحكومة الصينية، خفض استثماراتها في الأسهم والسندات الأوروبية خوفا من احتمال انهيار منطقة اليورو على خلفية أزمة الديون.

وقال رئيس مجلس إدارة الشركة لو جيوي في مقابلة أجرتها معه صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية «هناك خطر بأن تتفكك منطقة اليورو، وهذا الخطر في ازدياد»

كما اسقط لو التكهنات القائلة إن شركته قد تقوم بشراء السندات الأوروبية إذا طرحت للتداول، إذ قال «إن المخاطرة كبيرة جدا، والعائد ضئيل جدا.»

وبكل الأحوال فإن محاولات الخروج من الأزمة تأخذ خيارين حتى الآن:

إما ضخ المزيد من رؤوس الأموال على حساب الشعوب الأوربية من خلال برامج ذات طابع تقشفي يترك تأثيراً مباشراً على مستوى الاستهلاك الذي تعود عليه المواطن الأوربي وهو ما نجد نتائجه في الحركة الاحتجاجية المتصاعدة التي تشهدها القارة الأوربية.

أو البحث عن مصادر نهب جديدة على المستوى العالمي، وهنا يكمن سر التوتر الذي تشهده العديد من بقاع العالم والذي يأتي في جانب منه بمثابة مقدمات لتدخل تلك الدول الرأسمالية في هذه المنطقة أو تلك.

وأي من المسارين يضع أمام المنظومة الرأسمالية تحديات جديدة، تحديات داخلية أو خارجية تزيد من حدة التناقضات القائمة ما سيعزز حكماً إمكانية تحقيق تلك الفكرة التي بدأت تشق طريقها في الوعي الاجتماعي وهو البحث عن نظام بديل.