سواء مناورة أم مبادرة من صالح اليمن إلى أين ضمن الأجندة الأمريكية
وقع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في الرياض على اتفاق نقل السلطة في اليمن مؤكداً استعداده للشراكة والتعاون لإنجاح المبادرة التي يرعاها مجلس التعاون الخليجي.
وقد أعلن صالح في كلمة أمام الحضور أنه «ليس المهم التوقيع ولكن المهم حسن النوايا والبدء في عمل جاد ومخلص لشراكة حقيقية لإعادة بناء ما خلفته الأزمة»، دون أن يشير بالطبع إلى من المسؤول الأول عنها بالأساس.
ولكنه دعا السعودية وبقية دول مجلس التعاون والأمم المتحدة إلى مراقبة تنفيذ المبادرة وآلياتها، مضيفاً «سأكون من المتعاونين الرئيسيين مع حكومة الائتلاف القادمة».
واستطرد زمنياً على نحو مطول عندما قال إنه منذ عام 1990 أعلن «التزامه بالتبادل السلمي للسلطة بطرق سلسة وديمقراطية عبر التعددية السياسية الحزبية وحرية الصحافة واحترام حقوق الإنسان والمرأة».
واعتبر مجدداً أن ما يحدث في بلاده منذ نحو عشرة أشهر يعد انقلاباً على الدستور أدى إلى «تصدع في الوحدة الوطنية وتدمير ما بني في الفترة الماضية»، وأيضاً دون تحديد المسؤولية.
وجرت مراسم التوقيع بحضور عاهل السعودية عبد الله بن عبد العزيز، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، ووفد من المعارضة اليمنية.
كما وقع على الاتفاق وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد لكون بلاده ترأس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي.
وبعيد توقيع صالح على المبادرة قام ممثلون عن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن وعن المعارضة بالتوقيع على الآلية التنفيذية لها التي تتضمن جدولاً زمنياً يحدد بالتفصيل ملامح المرحلة الانتقالية في اليمن.
وقال ملك السعودية خلال مراسم حفل التوقيع إن «صفحة جديدة تبدأ اليوم في تاريخ هذا البلد».
وبموجب هذه الآلية التنفيذية، يسلم صالح صلاحياته الى نائبه عبد ربه منصور هادي ويبقى رئيسا شرفيا لمدة تسعين يوما، على ان تشكل حكومة وحدة وطنية برئاسة شخصية من المعارضة.
وأصدر الرئيس الأمريكي بياناً مكتوباً قال فيه إن «الولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب اليمني مع بدئهم عملية الانتقال التاريخية»، داعياً إلى التطبيق الفوري لها.
وقال اوباما «على مدى عشرة أشهر، أعرب الشعب اليمني بكل شجاعة وصمود عن مطالبه بالتغيير في مختلف مدن اليمن، في مواجهة العنف والمصاعب الشديدة».
وأضاف أن «اتفاق اليوم هو خطوة مهمة تقربهم بشكل كبير من تحقيق تطلعاتهم ببداية جديدة في اليمن».
وقبيل التوقيع كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أعلن أن صالح سيتوجه إلى نيويورك لتلقي العلاج الطبي.
وقال بان كي مون «لقد ابلغني بوضوح انه سيسلم كل السلطات لكنني كما علمت أن الترتيب والاتفاق ينصان على أنه سيبقى رئيساً».
إلى ذلك أكد الشباب المحتجون المعتصمون في ساحة التغيير في صنعاء رفضهم لاتفاق نقل السلطة في اليمن وإصرارهم على محاكمة الرئيس صالح.
وقال المسؤول الإعلامي في اللجنة التنظيمية لشباب الثورة السلمية وليد العماري لوكالة فرانس برس إن الشباب دعوا إلى «مسيرة مليونية تصعيدية لرفض التوقيع على المبادرة الخليجية»، ورددوا هتافات تؤكد أن «لا حصانة لا ضمانة، لعلي صالح وأعوانه».
وقال العماري في هذا السياق إن «المبادرة الخليجية لا تعنينا ولن نتزحزح من الساحات حتى يتم تحقيق كامل أهداف الثورة التي خرجنا من أجلها وخصوصاً محاكمة صالح وبقايا النظام».
وتنص المبادرة التي طرحتها دول مجلس التعاون الخليجي وانسحبت منها قطر، على انتقال السلطة من الرئيس إلى نائبه، وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإدارة مرحلة انتقالية يتم خلالها الحوار من أجل حل المشاكل الرئيسية في اليمن.
وبين هذا وذاك يبقى اضطرار صالح إلى توقيع المبادرة بعد سلسلة من مناوراته للتهرب من ذلك سابقاً والتي تخللها الهجوم على مقره وإصابته ومغادرته إلى السعودية لتلقي العلاج، تبقى تحولاً نوعياً في المشهد السياسي اليمني وربما كان من شأنها أن تسدل الستار على حقبة حكم صالح كشخص، ولكن التحدي الأكبر أمام الشعب اليمني يبقى ماثلاً في المقابل في التخلصمن تركة صالح مع الأمريكيين بما فيها اتفاقيات الإذعان العسكرية والأمنية ولاسيما أن الموقع الاستراتيجي لليمن في منطقة القرن الإفريقي وإطلالته على أحد أهم المضائق البحرية في العالم يضع هذا البلد على رأس قرن البوفالو الأمريكي المترنح.