مخاوف الليبيات والأقلية الأمازيغية والعلمانيين  هل تتجه ليبيا نحو تطبيق الشريعة الإسلامية؟
كارلوس زوروتزا كارلوس زوروتزا

مخاوف الليبيات والأقلية الأمازيغية والعلمانيين هل تتجه ليبيا نحو تطبيق الشريعة الإسلامية؟

يواجه إعلان الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع في ليبيا ما بعد القذافي معارضة قوية من النساء والأقلية الأمازيغية غير المتدينة والعلمانيين.

فيوضح إبراهيم مجدوب، إمام مسجد في مدينة طرابلس القديمة: «الشريعة هي العيش في وئام كامل مع قانون الله، وهذا هو أكثر شيء طبيعي للمسلم». لكنه يتردد عندما تصبح الأسئلة محددة أكثر: «هل يتعين على النساء تغطية رؤوسهن؟ هل سيسمح لهن بقيادة السيارات؟ هل ستقطع أيدي اللصوص؟..».

ويشكو وائل محمد، 23 عاماً، في أحد المقاهي العصرية على بعد 50 متراً من مسجد الجرامالدي: «هذه في الواقع مشكلة رئيسية عند مناقشة الشريعة الإسلامية، فالكل لديه رأي ولكن لا أحد يعرف ما الذي يقصدونه حقاً».

ويتساءل محمد، الذي كان يعمل كمترجم للغة الإنكليزية وهو عاطل عن العمل الآن: «ما هو نوع الشريعة الذي سنختاره؟ النمط الباكستاني.. أم الأندونيسي؟ ربما الإيراني؟».

لكن القادة مثل الشيخ عمر المختار، أعلى سلطة عسكرية في معقل القذافي السابق (بني وليد)، قد اختاروا لنفسه الجواب على هذا السؤال بالفعل.

فيؤكد هذا القائد العسكري والقبلي مردداً كلمات قادة المجلس الوطني الانتقالي في الأسابيع الماضية: «كل الليبيين يريدون شكلاً للشريعة الإسلامية مثل الذي نراه في قطر أو الإمارات العربية المتحدة، فهذا سيتيح لنا التماسك الذي تحتاجه البلاد بعد الحرب».

لا شك في أن أسلوب تطبيق الشريعة في قطر- الذي يسمح للنساء بقيادة السيارات ويتسامح بشأن تناول الكحول إلى حد معين- يبدو الأكثر شعبية بين الليبيين. لكن كثيرون يعارضون أن يكون مصدر الدستور الليبي في المستقبل متجذراً في القرآن الكريم.

فيقول عبد الله زيلتاني، وهو محام بارز، في مكتبه بحي جارجوريش جنوب غربي العاصمة الليبية: «أصبح المجلس الوطني الانتقالي يجرم الأشخاص اللا دينين مثلنا». ويضيف «إنهم يحاولون إقناع الناس بأن الدستور غير الإسلامي سوف يمنع ممارسة الشعائر الدينية ويزيد الدعارة ... إنه أمر مهين».

وليس الليبيون الملحدون أو العلمانيون، مثل زيلتاني، وحدهم الذين ينادون بالفصل بين الدين والدولة.

فتحي بوزاخار هو مسلم يقود الكونغرس الأمازيغي الليبي، وهي المنظمة التي أنشئت للدفاع عن حقوق أكبر أقلية في ليبيا- حوالي 10% من السكان البالغ مجموعهم ستة ملايين نسمة.

فيقول من مقر إقامته في طرابلس: «الفصل بين السياسة والدين ضروري لبناء دولة ديمقراطية، ولكن يبدو أن الحكومة الليبية الجديدة المؤقتة قد نسيت هذه المسألة تماماً».

ويستطرد قائلاً إن «مسودة الدستور التي صدرت في أغسطس الماضي لا تعترف بالشعب الأمازيغي أو بلغته. كانت الأقلية تخضع لسياسات القذافي التي تقوم على الاستيعاب الوحشي».

ويوضح بوزاخار «بالرغم من أننا لسنا عرباً، إلا أننا ندين تاريخياً بالإسلام المعتدل جداً، الأباضية. لقد تم إعدام جميع رجال الدين لدينا تقريباً من قبل القذافي نظراً لأن الأباضية تمثل رمزاً لهويتنا».

من جهة أخرى، يبدو أن النساء الليبيات هن الأكثر تخوفاً من تطبيق الشريعة غير المحدد والذي يبدو ألا مفر منه تقريباً. وتتساءل كثيرات منهن عما إذا سيكون لديهن «حصة» في أزواجهن بعد التصريحات المثيرة للجدل لمصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي، بشأن إباحة تعدد الزوجات.

أما أسماء حسن، ناشطة الحقوق المدنية من طرابلس، فتقول: «عبد الجليل يكرر باستمرار أن ليبيا سوف تعتمد حكم الشريعة، وقد فعل ذلك مؤخراً في 12 نوفمبر عند لقائه بكاثرين أشتون، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي. لكن هذا القرار هو قرار يجب أن يتخذه الشعب الليبي بطريقة ديمقراطية».

وتشرح أن هناك تطبيقات عديدة للشريعة الإسلامية بقدر ما توجد تفسيرات متحيزة للقرآن. «فالقرآن الكريم يقول حرفياً إنه يمكنك الزواج من اثنتين أو ثلاث أو حتى أربع نساء، لكنه يضيف أن ذلك لن يكون عادلاً. ويبدو أن هناك قراراً بعدم أخذ السطر الثاني في الاعتبار».

«الله، معمر وليبيا» كان الشعار الرسمي المفضل خلال أكثر من 40 سنة من حكم القذافي. وكانت ليبيا بالفعل دولة إسلامية محافظة، حيث كان يمارس الإسلام بشكل متزمت خلال عهد القذافي. ولم يكن من قبيل المصادفة أن سمى القذافي كتابه بالكتاب الأخضر.

وقد تكون انتخابات 23 أكتوبر في الجارة تونس بمثابة مقياس  للحرارة، وحافز كذلك للانتخابات المقرر عقدها في ليبيا في يونيو 2012. ففي أول انتخابات بعد «الربيع العربي» في تونس حقق ائتلاف النهضة الإسلامي المعتدل فوزاً ساحقا بحصوله على 40 في المئة من الأصوات.

فيعلق سانتياغو ألبا ريكو، وهو كاتب ومحلل سياسي يقيم في تونس منذ 12 عاماً، قائلاً: «في الوقت الراهن، يبدو أن الإسلام المعتدل هو على الأرجح فرصة ليبيا الوحيدة للتعامل مع الفوضى المتزايدة في البلاد».

ثم يعرب عن اعتقاده بأنه «على الرغم من عيوبها، إلا أن الديمقراطية الإسلامية في ليبيا ستكون أكثر تقدمية من ديكتاتورية القذافي، فضلاً عن كونها نهجاً أكثر واقعية في التعامل مع الاشتباكات المستمرة بين الميليشيات».

• (آي بي إس)