مراهنة أمريكية على انفجار داخلي في إيران!
«إلهي رأيت عالمك، وهذه الرؤيا لن ننساها لا أنا ولا أنت» بيزن جلالي ـ شاعر إيراني
إعادة تشغيل ماكينة الحرب النفسية الهجومية ضد إيران من قبل أمريكا و«إسرائيل» بالتزامن مع المتغيرات المؤثرة على حلفائها في المنطقة، لا تعني بالضرورة حلول ساعة الصفر لشن الحرب عليها، حتى لو كانت هذه الحرب خاطفة أو محدودة، كضربات جوية منتقاة لتقليم الأظفار النووية الإيرانية التي ربما استطالت وأصبحت قادرة على تحقيق غاياتالخدش النووي، ومن ثم فرض واقع الردع الذي يفيض على أصحابه بركة الاتقاء، فالتحرك الأمريكي لعزل إيران عربيا وإسلاميا مازال في بدايته، ومحاولة إقامة حلف عربي إسرائيلي لمحاصرتها تصطدم بعثرات ومطبات تجعلها هدفاً صعب المنال، خاصة وان ردود الأفعال الإيرانية تقرأ جيداً ما يدور بأذهان المتربصين بها، فبعد أن تعايشت إيران وبنجاحمع السياسة الابتزازية للعقوبات الأمريكية، وبعد أن نجحت في تنفيس احتقانات الصراع الداخلي بين أقطاب النظام فيها، وبعد أن عجزت «إسرائيل» عن تقويض المصدات الإيرانية في جنوب لبنان وغزة، وبعد أن تأكد للجميع بأن إيران قادرة على امتصاص الهجمات التكتيكية المقبلة بما فيها هجمة الفتح المتكرر للملف النووي، وإن كانت باتهامات شديدةاللهجة، راحت أمريكا تفكر جدياً بالهجوم على إيران من خلال قصقصة أجنحة حلفائها أولاً، بالتزامن مع إذكاء روح الاصطفاف الطائفي في المنطقة ليكون الحال، محيطاً «طائفياً» يحاصر قلاعاً «طائفية أخرى» (تعديل من قاسيون)، بذات الوقت الذي تكون فيه إسرائيل قد استعدت لتلافي أضرار أي عملية اضطرارية تقتضيها الحالة، كل هذا بترتيبات ميدانيةجديدة تجعل القوات الأمريكية بعيدة عن أيادي إيران وحلفائها، حيث الانسحاب الأمريكي من العراق الذي سيفسح أمامها مجال الولوج المنهك فيه، مع إعادة النظر بالإستراتيجية الأمريكية في أفغانستان لتقليل شأن أي من احتمالات الانتقام الإيراني، إلى جانب تفادي معركة الاستنزاف مع طالبان التي لا طائل من ورائها!
المحاولة الأمريكية البائسة لتجريم إيران دولياً واستثارة السعوديين عليها بالإعلان عن اكتشاف مؤامرة إيرانية لاغتيال السفير السعودي في واشنطن تكشف حقيقة المسعى الأمريكي المتهافت لجعل إيران في حالة دائمة من الدفاع عن النفس، والانهماك بالذود عن عقر دارها، ومن ناحية أخرى لحث السعودية على الاستعداد لمساومة الصين ودفعها لتقبل مبدأالعقوبات النفطية على إيران في مجلس الأمن، وذلك لفرض حصار دولي نفطي عليها تحت ذريعة عدم الالتزام بالقرارات الدولية، ومن ثم مواصلة كيل التهم لها وباتجاهات مختلفة، لإشغالها عن أي مسعى استباقي، وشلها عن مد يد العون لحلفائها الذين يجري تصفية الحساب معهم، بالتركيز على مبدأ تصيد أخطاء تعاملاتهم الداخلية.
«إسرائيل» تلوح بالخيار العسكري، وباستعدادها لتنفيذه، ووزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا يحذر من العواقب الوخيمة لأي ضربة عسكرية متسرعة على إيران، أما مجلةـ ذي نيشن- الأمريكية فإنها تعزي أسباب تهاون الإدارة الأمريكية بموضوع الخيار العسكري ضد إيران لشدة الأزمة الاقتصادية العاصفة التي يعاني منها الغرب عموماً وأمريكا خصوصاً،حيث لا تعرف أمدية تكاليف مثل تلك الحرب، خاصة وأن أسعار النفط ستكون المتأثر الأول بها، وتقول المجلة إن الخشية من أن ينقلب السحر على الساحر في معارك حساسة كمعارك البترول تجعل التأني سيد الموقف بالنسبة لإدارة أوباما الساعية للجم إيران دون أي مفاجئات قد تنعكس سلباً على حملة إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي، ربما وبعيون المتطرفينمن أصحاب القرار الأمريكي والإسرائيلي والغربي بالعموم، الحرب ذاتها هي هروب إلى الأمام من الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعاني منها أسواق المال والأعمال الغربية، لكن ما يمنع هؤلاء هو قدرة إيران على إيقاع الأذى بأمريكا وإسرائيل وحلفائهما في المنطقة، ومتى ما تم تحجيم تلك القدرة أو شلها، ساعتها فقط سيكون للخيار العسكري ما يبرره فيسوق الحروب التي تتعامل بمنطق الخسارة والربح!
حتى يتم تحقيق ذلك، فإن المراهنة الأمريكية على تفكيك الوضع الداخلي لإيران، ومن ثم تفجيره، بعد تسميد المعضلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتغذيتها بكل أسباب الانفلات، ستكون هي الخيار المفضل، مع الاستبقاء على كل عوامل الضغط والمحاصرة والعزل، بالإضافة لتنشيف مراكز النفوذ الإيراني في عموم المنطقة.
ربيع إيراني مصطنع يستنفر ويبرر تدخل خارجي متحفز، هو عز الطلب الأمريكي الذي ليس فيه خطيئة مكلفة، خاصة إذا كان التدخل تحت راية الناتو وبغطاء عربي وإسلامي ودولي!
• (عن كنعان الالكترونية)