روسيا - ألمانيا: عقوبات من أجل الحوار فقط!

روسيا - ألمانيا: عقوبات من أجل الحوار فقط!

«كل ما في وسع المسؤولين الألمان والأوربيين الآن هو أن يأملوا حسن نوايا السلطة الروسية وتوجهها إلى الحوار، فروسيا اليوم قادرة بوضوح على استخدام توسع نفوذها الاقتصادي حتى الحدود القصوى، ولا ننسى هنا «القوقاز» و «البلطيق» والأقلية الروسية فيهما، وما يمكن للروس أن يجنوا من فتح تلك الملفات الإقليمية الأوربية»

هكذا تختم جريدة «دير شبيغل» الألمانية مقالها بعنوان: «الحرب الاقتصادية على روسيا: تكلفة عالية على الاقتصاد الألماني»، الذي تقيّم فيه الجريدة المخاطر المترتبة على الدولة الألمانية، في حال تصعيد العقوبات الاقتصادية على روسيا.

لماذا ألمانيا؟

ألمانيا هي المنقذ الأوربي اليوم، الدولة الأوروبية التي لم ترتقِ الأزمة الاقتصادية فيها لتضاهي نظيراتها في كل من فرنسا وانكلترا و إيطاليا والبرتغال وإسبانيا واليونان.. لذلك هي اليوم صاحبة القرار الأقوى اقتصادياً، وبالتالي سياسياً، بين الدول الأوربية.

الـ 300 ألف في خطر..!

حسب مقال «دير شبيغل»، فإن حجم التبادل الاقتصادي بين روسيا وألمانيا بلغ أكثر من 105 مليار دولار، 50 مليار منها هو ما تشتريه ألمانيا من روسيا، مقسّمة بين النفط والغاز والمعادن والفحم، فألمانيا تستورد 36% من احتياجاتها من النفط الخام، و35% من الغاز الطبيعي من روسيا. في المقابل، تستورد روسيا آليات النقل والعدد الصناعية والهندسية.
يؤمِّن هذا الحجم من التعامل التجاري بين البلدين وظائف لما يزيد عن 300 ألف مواطن ألماني، يعملون ضمن ستة آلاف شركة ومعمل ألماني. عدد الموظفين كان متوقعاً أن يرتفع حتى 500 ألف عامل في منتصف 2015، هذا وفق توقعات ثلاثة من أكبر الشركات الألمانية على مستوى السيارات والأدوية، صاحبة الاستثمارات في روسيا.
لكن هنا تحديداً، تكمن المشكلة وفق رأي الجريدة، فالمستشارة الألمانية ووزير الخارجية الألماني غيّرا حقاً شكل التصعيد وفق عبارة: «العقوبات ضرورية، فقط لتحقيق مساعي الحوار مع روسيا..»!، لأن قطع العلاقات الاقتصادية بين البلدين، أو على الأقل تضييقها مؤقتاً، فيه الكثير من المخاطر والضرر على الاقتصاد الألماني، وبشكل مباشر على قطاع الصناعات وحاجاته من الطاقة، وعقود الاستثمار الواعدة في السوق الروسية.
وتؤكد الـ«دير شبيغل» أن زعماء الدول الأوروبية يبدون أقل حماسة في الغرف المغلقة تجاه العقوبات على روسيا، مما يبدون من حماسة على المنابر العامة، بالتالي، والكلام دوماً لـ«دير شبيغل»، يشعر المسؤولون الألمان أنهم يواجهون روسيا وحدهم، في ظل عجز الأوربيين وتراجع الولايات المتحدة الحتمي. رغم أن المنطق البسيط يفترض من الإدارة الألمانية عدم الانزلاق مع الأمريكيين، الذين يغرقون أكثر في سلسلة الملفات غير المحلولة، وفي الوقت نفسه، تفرض المصلحة على روسيا عدم الانجرار، تحت أي ثمن، اتجاه الصدام مع الشريك الأوربي الكبير، والحفاظ على السبل الدبلوماسية والحوار، «خصوصاً أن الواقع يقول إنه وبمرور الوقت الكل يخسر، لكن الروس يربحون مع ذلك..!»، والقول أيضاً للـ «دير شبيغل» الألمانية.