واشنطن مصرة على إرسال قطعها الحربية للخليج
ذكرت مصادر في البنتاغون أن الولايات المتحدة ستستمر في إرسال المجموعة الضاربة لحاملة الطائرات إلى منطقة الخليج، بالرغم من تحذير إيران من هذه الخطوة، وقال المتحدث باسم البنتاغون جورج ليتل في بيان، إن «نشر التشكيلات العسكرية الأميركية في منطقة الخليج سيستمر كما كان منذ عقود»، مضيفا: «أننشر المجموعة الضاربة لحاملة الطائرات أمر ضروري للحفاظ على استمرار تنفيذ المهام الحالية، ودعمها العملياتي».
وجاءت تصريحات البنتاغون هذه عقب تهديدات أطلقها قائد الجيش الإيراني الجنرال عطاء الله صالحي، بشأن عودة حاملة الطائرات «جون سي. ستينيس»، إحدى كبريات حاملات الطائرات في البحرية الأمريكية، إلى الخليج.
وقد أنذر صالحي الولايات المتحدة من مغبة إرسال إحدى حاملات طائراتها مجدداً إلى مياه الخليج، بعد أن عبرت مضيق هرمز باتجاه الشرق إلى بحر عُمان عبر منطقة كانت تجري فيها إيران مناوراتها، التي استمرت عشرة أيام عند مدخل الخليج، وشملت تلك المناورات إطلاق ثلاثة صواريخ مخصصة لإغراق القطعالبحرية.
وقال ليتل: «إن عبورنا مضيق هرمز سيستمر وفقاً للقانون الدولي، الذي يضمن لسفننا الحق في عبور الممر»، مضيفاً «أننا ملتزمون بحماية حرية الملاحة التي هي أساس الرخاء العالمي، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية لعمل قواتنا العسكرية في هذه المنطقة».
وتصاعدت التوترات في منطقة الخليج بعد أن هددت إيران مؤخراً بإغلاق مضيق هرمز، أحد أهم الممرات البحرية في العالم، والذي يعبر من خلاله بحدود 40 بالمائة من النفط العالمي، بعد أن فرض الغرب عقوبات على صادراتها النفطية.
في هذه الأثناء، تبذل فرنسا جهوداً متواصلة مع دول الاتحاد الأوروبي لحثها على الاقتداء بالولايات المتحدة وفرض عقوبات مالية ونفطية جديدة على إيران، التي يتهمها الغرب بمواصلة العمل لإنتاج سلاح نووي. فقد صرح وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه لشبكة (أي تيلي) الفرنسية أن بلاده «ترغب في تشديدالعقوبات، دون إغلاق طريق التفاوض والحوار مع إيران»..!!
وبشأن توقعه لبرنامج إيران النووي أكد جوبيه أن «إيران تواصل الإعداد لسلاحها النووي، هذا أمر لا شك فيه»(!؟)، مذكراً بأن التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية «واضح جداً» في هذا الشأن.
وفي نهاية العام الماضي عززت الولايات المتحدة عقوباتها على القطاع المالي الإيراني عن طريق تجميد أرصدة أي مؤسسة مالية أجنبية تقيم علاقات تجارية مع البنك المركزي الإيراني في القطاع النفطي.
وتطالب باريس الاتحاد الأوروبي بالاقتداء بواشنطن، وقال الوزير الفرنسي «نرغب في أن يتخذ الأوروبيون قبل 30 كانون الثاني الحالي إجراءً مماثلاً لإظهار قوة تصميمنا».
وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد دعا في نهاية 2011 إلى تنفيذ عقوبات محددة على طهران تمثل أهمها في تجميد أرصدة البنك المركزي الإيراني وفرض حظر على صادراتها النفطية.
ورغم صعوبة الموقف داخل الاتحاد الأوروبي لاسيما مع احتدام النقاش دون التوصل إلى توافق، إلا أن جوبيه أشار في تصريحاته إلى وجود ما وصفه بـ«أمل كبير في التوصل إلى نتيجة بشأن هذين العنصرين» في نهاية الشهر الحالي.
لكن المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بدا أكثر تحفظاً، وقال إن «قضية الحظر النفطي ستدرس وتناقش من قبل وزراء الخارجية» أثناء اجتماعهم في 30 كانون الثاني.
ورغم ما يظهر من «اتزان» في هذه التصريحات فإن لندن «تقدمت عملياً بشوط كبير على نظرائها الأوروبيين»، عندما قررت في تشرين الثاني الماضي قطع العلاقات مع البنوك الإيرانية ومن بينها البنك المركزي.
أما ألمانيا، فنقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي أوروبي أن برلين ترفض الاستهداف المباشر للبنك المركزي الإيراني.
كما اعترف جوبيه في كانون الأول الماضي بأن اليونان «أبدت عدداً من التحفظات» على فرض عقوبات تمس قطاع النفط.
وبالإضافة إلى اليونان يصدر النفط الإيراني إلى إيطاليا وإسبانيا وبلجيكا وبدرجة أقل إلى فرنسا.
في المقابل تأتي إيطاليا على رأس الدول الأوروبية المؤيدة لفرض عقوبات جديدة، رغم أنها تستورد 13% من نفطها من إيران.
جدير بالذكر أنه في العام 2010 اشترى الاتحاد الأوروبي 18% من إجمالي صادرات إيران النفطية، في حين ذهب الباقي إلى دول آسيا.
في المقابل تقدم إيران لنفسها بدائل لمواجهة حظر نفطها، حيث قال مسؤول كبير في قطاع النفط الإيراني إن لدى بلاده بدائل لبيع نفطها إذا قام الاتحاد الأوروبي بحظر استيراد الخام الإيراني، مشيراً إلى أن بلاده تعتزم تصدير ما معدله 2.3 مليون برميل يومياً خلال هذا العام، وهو ما يعادل صادراتها خلال عام 2011.
وأوضح محسن قمصري مدير الشؤون الدولية في شركة النفط الوطنية الإيرانية أن طهران درست بالفعل طرقاً مختلفة للتعامل مع الإجراء الأوروبي في حال تم الاتفاق عليه.
إلا أنه أكد على أنه لا يمكن استبدال بعض المشترين الأوروبيين للنفط الإيراني بسهولة.
وأوضح قمصري أن جزءاً من الكميات التي ستتعرض للحظر قد تتجه إلى الصين ودول أخرى في آسيا وأفريقيا، مستبعداً أن يتم تخزينها في ناقلات على اعتبار أن ذلك يعد حلاً قصير الأجل.
ورجح قمصري أن تبقى الشحنات التي تصدرها بلاده من النفط كما هي خلال هذا العام دون تغيير، لافتاً إلى أن هناك طلباً مرتفعاً من قبل زبائن إيران على النفط.
وأضاف أن نحو 30%- وهو ما يعادل 700 ألف برميل من النفط الإيراني- تتجه يومياً إلى غرب السويس، حيث تصدر أكثر من نصفها إلى أوروبا ونحو 200 ألف برميل يومياً إلى تركيا والكمية المتبقية إلى أفريقيا.
وتقدر وكالة الطاقة الدولية صادرات إيران إلى الاتحاد الأوروبي بنحو 450 ألف برميل يومياً.
بدورها أعلنت الصين معارضتها لفرض عقوبات أحادية الجانب على إيران، بعدما وقع الرئيس الأميركي باراك أوباما قانوناً يشدد الإجراءات ضد القطاع المالي الإيراني لإجبارها على التخلي عن برنامجها النووي، حسب الذرائع المعلنة.
وتنص الإجراءات الأميركية الجديدة على السماح للرئيس الأميركي بتجميد أصول كل هيئة مالية أجنبية تتعامل مع البنك المركزي الإيراني في قطاع النفط.
وارتفعت حدة التوتر في منطقة الخليج العربي بعد أن هددت طهران مؤخرا بإغلاق مضيق هرمز الذي يعبر منه نحو 35% من صادرات النفط العالمي المنقولة بحراً، إذا ما فرضت عليها عقوبات دولية جديدة.