سباق على احتياطي المناطق الباردة تفشي حمى نفط الصقيع
أومبرتو ماركيز أومبرتو ماركيز

سباق على احتياطي المناطق الباردة تفشي حمى نفط الصقيع

 دفع ارتفاع أسعار العالمية للنفط المستخرج من رمال صحراء المملكة السعودية الحارقة ودلتا النيجر شديدة الحرارة وسهول أورينوكو عالية السخونة، الشركات المنتجة للخام نحو التنقيب عن مصدر الطاقة هذا في بطن الأراضي الباردة أيضاً.

فقد وقع الكونسورتيوم الأمريكي العملاق «اكسون» مع نظيره الروسي «روسنفت» اتفاقاً لاستثمار 3.200 مليون دولار للتنقيب عن النفط والغاز في بحر كارا، شمال غرب روسيا. ولا تزال شركة البترول البريطانية تلعق جراحها بعد أن خسرت فرصة البحث عن النفط الثمين في  هذه المنطقة نفسها مع شركة TNKالروسية.

وشرح كينيث راميريث، أخصائي الجغرافيا السياسية والنفط بجامعة فنزويلا المركزية، أن «احتياطي الخام المتوفر تحت المحيط المتجمد الشمالي يقدر بنحو 100.000 مليون برميل، وهو ما يفوق مجموع احتياطي العراق أو الكويت بأكثر من 44.000 مليون برميل من سوائل الغاز الطبيعي و 80 تريليون قدم مكعب منالغاز».

ومن المعروف أن منظمة أوبك تضم أنغولا، المملكة السعودية، الجزائر، إكوادور، الإمارات العربية المتحدة، إيران، العراق، الكويت، ليبيا، نيجيريا، قطر، وفنزويلا، وتنتج 30 مليون برميل من إجمالي 88 مليون برميل يومياً من النفط الخام اللازم لتلبية الطلب العالمي.

ويوجد تحت القطب الشمالي ما بين 13 و 20 في المئة من النفط الذي ينتظر «اكتشافه» في العالم وفقاً للمسح الجيولوجي الأمريكي، ويتوفر الكثير منه على عمق ضحل، مما يزيد من احتمالات تحقيق عائدات مربحة نظراً لتزايد الطلب وحال استمرار أسعار النفط الحالية بمعدل 100 دولار أو أكثر للبرميل.

وأضاف كينيث راميريث أن ذوبان القطب الشمالي واستغلال نفطه سوف يؤدي أيضاً إلى فتح خطوط شحن جديدة، في وقت تحرص فيه روسيا على استعادة دورها كقوة عالمية كبرى من خلال التحكم في الآبار والطرق والإمدادات، فضلاً عن الاستفادة من التكنولوجيا التي يوفرها الغرب.

وتلقت شركة شل البريطانية الهولندية الضوء الأخضر من وكالة البيئة في الولايات المتحدة للتنقيب عن النفط قبالة سواحل ألاسكا الشمالية اعتباراً من تموز عام 2012، وهو المشروع الذي خصص له 3.500 مليون دولار.

كما دعت جزيرة غرينلاند الدنماركية لتقديم عطاءات للتنقيب قبالة الساحل، فكانت شركتا اكسون وشيفرون أول من عجل بالتقدم بعروض.

وفي الوقت نفسه، أصبح في مقدور كندا إضافة حصتها من النفط في القطب الشمالي إلى رمال مقاطعاتها الغربية، لتصبح قوة عظمى في عالم الطاقة، مع ميزة كونها بجوار أكبر سوق في العالم: الولايات المتحدة. وقال فيكتور ميخاريس، رئيس قسم العلاقات الدولية بجامعة سيمون بوليفار في كاراكاس، إن «النمو الاقتصاديفي الصين والهند، وخاصة سياسة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، قد أغرت روسيا واجتذبتها لاستغلال المزيد من الودائع ومزاحمة نفط المناطق الاستوائية».

وأضاف ميخاريس «في عهد الاتحاد السوفييتي، تجلي النفوذ الروسي في قوته النووية وفي الجيش الأحمر... أما الآن فتعتمد روسيا على قدراتها في مجال الطاقة كأداة للحفاظ على دورها كلاعب عالمي رئيسي».

ومن جانبها، ستشعر الولايات المتحدة بالرضا لتنويع مصادر النفط والغاز، مما يتيح لها تقليص الاعتماد على إمدادات الشرق الأوسط وزيادة الضغط في مجال السياسة الداخلية، على موردين مثل المملكة العربية السعودية.

كذلك فقد أجمعت مصادر مختلفة على لفت الانتباه إلى ظهور كندا باعتبارها قوة طاقة كبرى، وبالتالي كلاعب عالمي، وهو ما يفسر ابتعادها عن بروتوكول كيوتو بشأن القضايا البيئية، وزيادة اتفاقها العسكري لمواجهة وجود منافسين لها في القطب الشمالي».

وأخيراً تجدر الإشارة إلى أن البحث عن النفط في القطب الشمالي إنما يجدد رهان قطاعي الطاقة والاقتصاد العالميين على الوقود الأحفوري، ويتماشى مع اللعبة الإستراتيجية للقوى التقليدية والناشئة، ويدل على استمرار المخاطر البيئية المرتبطة بصناعة النفط والغاز.

• (آي بي إس)