في الانتخابات الرئاسية الجزائرية

في الانتخابات الرئاسية الجزائرية

في ظل التساؤلات حول صحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (76 عاماً)، والمرشح لولايةٍ رابعة، ومقاطعة أحزاب المعارضة الجزائرية للانتخابات المقررة في 17 نيسان القادم، تستعدُّ الجزائر لجملة من الخيارات المطروحة حول مستقبل بلد «الموارد والفقر» على حدٍ سواء..

تملك الجزائر ثالث أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا، بعد نيجيريا، بتقديراتٍ تصل إلى «12.5» مليون برميل، وتملك ثاني احتياطي من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى احتياطيٍ من النقد الأجنبي يقدَّر بـ «200» مليار دولار، كإشارة إلى وفرة موارد الاقتصاد الجزائري. لكن على الرغم من هذه الأرقام اللافتة، يشكو معظم الجزائريين من تراجع جودة الخدمات الاجتماعية الأساسية، بما في ذلك التعليم والصحة والسكن، ولا تزال معدلات البطالة مرتفعة، وتصل إلى نسبة «21.5%» في صفوف الشباب، ومعدلات فقر تصل إلى «40%»، حسب إحصائيات حكومية رسمية، بالإضافة إلى احتلال الجزائر للمرتبة «105» عالمياً في مؤشر الفساد في «مؤسسة الشفافية العالمية»...
هذه المؤشرات تظهر «الخطط الخمسية» المتبعة من الحكومات المتعاقبة، كنموذج اقتصادي غير قادر على التوفيق بين حجم الموارد وحجم الإنفاق الحكومي، من جهة، ومستوى الدخل والخدمات المقدمة لعموم الجزائريين، من جهة أخرى.. وبحضور مستوى متدن من الحريات السياسية، يمنع الإنذار المبكر والرقابة الشعبية المباشرة على أجهزة الدولة. ما يضع الجزائر على فوهة بركان من المتوقع انفجاره مع قرب الاستحقاق الرئاسي، في دولة تلعب فيها مؤسسة الرئاسة، إلى جانب الجيش، الدور الأساسي في إدارة مفاصل البلاد...
متطلبات المرحلة في ظل الصراع
لا يمكن مناقشة الوضع السياسي في الجزائر، من خلال عزله عن تلك المتغيرات الدولية، المتمثلة بالتوازن الدولي وسقوط نظام القطبية الواحدة، وانعكاسات ذلك على بلدان العالم، ولاسيما عبر قيام قطب الإمبريالية بتوسيع خارطة الحريق في بلدان العالم. من هنا، فإن استمرار التوترات وارتفاع حدة الانقسامات السياسية في الجزائر، من شأنه أن يشكِّل فتيلاً جاهزاً يسهِّل على من يسعى لتوسيع دائرة العنف في العالم إشعاله.
ومع احتمالات هذا التفجير، تظهر بوضوح ضرورة سير منحى الحوار الوطني الجدي، للتوصل إلى توافقات كفيلة في تحصين جبهة الداخل الجزائري، في ظل ضرورات التغيير البنيوي لإنقاذ الجزائر من اندلاع الفوضى، وتحقيق آمال ومطالب الشعب الجزائري في استقرارٍ وتغيير جذري للواقع الاقتصادي- الاجتماعي الذي يعيشه.
في دولة مستهدفة الموارد كالجزائر، تفرض على القوى السياسية الجزائرية في السلطة والمعارضة، تحييد البلاد عن الهاوية، من خلال جلوس الجميع إلى طاولة الحوار، كخطوة أولى ممهدة لتأمين الجزائر من سيناريوهات الانزلاق إلى العنف المحتمل، ويفسح المجال أمام الشعب الجزائري للعب الدور الضاغط على الحركة السياسي في البلاد.