السيسي: «مصر لن تتقدم بالكلام فقط»

السيسي: «مصر لن تتقدم بالكلام فقط»

تطرح قضية حماية الأمن القومي المصري كمهمة عاجلة، يستدعي حلَّها التركيز على متطلبات النهوض بالاقتصاد المصري، ورسم النهج الاقتصادي الجديد، الكفيل بملاقاة الحركة الشعبية المصرية، والقطع التام مع النموذج الاقتصادي السابق المولِّد للأزمات

خلال ندوة للأطباء الشباب نظمتها القوات المصرية المسلحة في القاهرة، طرح المشير عبد الفتاح السيسي، المرشَّح الأقوى للانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة، مجموعة من المشكلات التي تواجهها الدولة المصرية، ومنها مسألة التمويل، حيث لفت السيسي في كلمته إلى أن ما تنفقه الدولة المصرية على تسعين مليون مواطن مصري، سنوياً، هو (24 مليار دولار تقريباً)، بينما من الواجب أن يتم إيصال المبلغ إلى (430 مليار دولار).

مضاعفة الإنفاق الحكومي 17 مرة!

يبدو من الواضح هنا، أن المشير السيسي قد طرح مهمة ثورية تكمن في النهوض بالاقتصاد المصري إلى مستوياتٍ تسمح بالوصول إلى حياة كريمة يتمتع فيها تسعون مليون مواطن، في بلدٍ وصلت فيه اللبرلة الاقتصادية إلى أعلى مستوياتها خلال العقود الماضية. ولم يأت السيسي على ذكر الاستدانة من الخارج، كموردٍ لإنجاز المهمة الثورية (رفع ما تنفقه الدولة المصرية على المواطنين إلى 17 ضعفاً)، بل استبدلها بتجنيد طاقات الشباب المصري، لعقدين من الزمن، من أجل الوصول إلى هذه الغاية، بالإضافة إلى طرحه لفكرة العمل التطوعي، والطلب من المصريين المقيمين خارج البلاد دعم الاقتصاد المصري.
في المقابل، يتطلب تحقيق هذه المهمة الثورية القطع الكامل مع السياسات الاقتصادية السابقة، وصياغة النموذج الاقتصادي البديل لمصر، ولاسيما أن هذا الهدف يستحيل تحقيقه عبر الاقتراض من الغرب أو دول الخليج (التي عاجلاً أم آجلاً ستضطر إلى إيقاف الدعم المقدم لمصر، تحت ضغط أمريكا، بالتوازي مع العلاقات الجيدة بين السيسي والروس). وإن مجرد طرح القضية، بهذا المستوى من الوضوح من قبل رأس هرم المؤسسة العسكرية، يعني أن قضية التمويل ستشكِّل حجر الزاوية في التغيير الجذري للاتجاهات الاقتصادية لمصر.
غير أنه، وفي الظروف المصرية الحالية، لا يمكن الحديث عن نهوض الاقتصاد، أو إنجاز المهمة الثورية المطروحة، بمعزل عن فتح المعركة مع قوى الفساد والنهب المصرية داخل جهاز الدولة وخارجه. فهذه القوى ترعرعت في ظل نموذج «كامب ديفيد» القائم على المعونات والمساعدات الخارجية، وقروض «صندوق النقد الدولي» لأجل التمويل، والتبعية، والذي يستدعي تغييره أعلى مستوى من الحريات والديمقراطية الشعبية، وعدم السماح بانزلاق البلاد نحو الحرب الأهلية.