الانتخابات واستحقاقات المرحلة المصرية

الانتخابات واستحقاقات المرحلة المصرية

مازالت مصر تعيش إرهاصات الحالة الثورية، بعد منعطفها الثاني، المتمثل بتنحية تنظيم «الإخوان المسلمين» عن الواجهة السياسية، والتي لا تبدو بقصيرة الأمد، في ظلِّ التحديات الكبرى الماثلة أمام المصريين على صعيد حماية الأمن القومي لمصر، والالتفات للقضايا الداخلية على التوازي..

تصاعدت أحداث العنف في مصر، حتى وصلت حدَّ العمليات الإرهابية المنظمة التي تقوم بها مجموعات متشددة، متهمة بالارتباط مباشرةً بجماعة «الإخوان المسلمين»، ما ينذر بمحاولة إحراق مصر من الداخل، بعد عجزهم عن العودة إلى ناصية الحكم، أو حتى إرغام الجيش المصري وحكومة الببلاوي على تقديم تنازلات سياسية لمصلحتهم، وهذا ما جعل من الحكومة المصرية، القائمة على خارطة الطريق، تعتبر تنظيم «الإخوان المسلمين» تنظيماً إرهابياً، لا مكان له في الحياة السياسية المصرية..

السيسي: مرشَّح الظروف الاستثنائية

وفي سياق محاولات جناح الإدارة الأمريكية، الداعم للفاشية الجديدة، تحصيل ما يمكن تحصيله بعد خسارة ذراعهم السياسي، وفي ظل انزياح ميزان القوى في مصر والمنطقة بعكس مصالحهم، ما ينذر بخروج مصر من الهيمنة الأمريكية علانيةً، تبقى العمليات الإرهابية الشيء الوحيد الذي يعوِّل عليه هذا الطرف، وحلفاؤه الإقليميون، في ردع المصريين عن صياغة علاقاتهم الدولية الجديدة، بما يحفظ الأمن القومي المصري من جهة، ويتيح فتح الملفات الاقتصادية ـــــــ الاجتماعية، من جهة أخرى..

هذا الخطر الذي يهدد بقاء مصر نفسها، كوحدة جغرافية سياسية، رتَّب على عاتق الجيش والشعب المصري تشكيل جبهة داخلية مهمتها صدّ التدخلات الخارجية، وقصّ أذرعها في الداخل، والسير في خارطة الطريق التي ترتقب استحقاق الانتخابات الرئاسية، ليظهر المشير «عبد الفتاح السيسي»، مرشَّح  المجلس العسكري للانتخابات، في هذه الظروف الاستثنائية، مرشحاً فوق العادة بظلِّ صعوبة المهمات المرحلية التي يتصدرها القضاء على الإرهاب، وغياب النخب السياسية القادرة على التصدي لهذه المهمات..

الانتخابات الرئاسية والبرامج السياسية

عطفاً على ما سبق، يتقدَّم ملف مكافحة الإرهاب، وتكريس مواقف سياسية حازمة في وجه داعميه، الإقليميين والدوليين، قد تمتدُّ حتى إعادة النظر بالاتفاقيات الدولية، وفي مقدمتها «كامب ديفيد»، ليكون الشرط الأبرز لتحقيق أي برنامج فعلي لإنجاز التغيير الحقيقي في جميع جوانب الحياة في مصر.

لكن من المؤكد أن غياب الشقَّين الاقتصادي ـــــــ الاجتماعي والديمقراطي عن البرامج السياسية المقدَّمة للشعب المصري، إن حدث، يحمل خطر إعادة إنتاج الفوضى مجدداً، حتى بعد وأدها، لما تحمله البلاد من أزمات متراكمة، على السلطة اللاحقة العمل على حلها، لضمان أمن واستقرار مصر، وإعادة الأولوية لحل القضايا الاقتصادية، التي أثقلت كاهل الشعب المصري لعقودٍ خلت.