دستور تونس: دين الدولة مقابل تجريم التكفير
جاء الاتفاق على الصيغة النهائية للدستور التونسي الجديد، ليضع حداً لحملة المماطلات التي كانت سائدة. حيث سيلي الموافقة الحالية لـ «المجلس الوطني التأسيسي» بأغلبية أعضائه (200 صوت)، عرضه على التصويت لإقراره هذا الأسبوع.
الدستور الجديد حكمه منطق التوافق، حيث أُجبرت حركة «النهضة» الإسلامية على القبول بتجريم التكفير دستورياً، مقابل الحفاظ على «الإسلام ديناً للدولة التونسية». كما نص الدستور الجديد على تخفيض سن الاقتراع، ليتمكن بالتالي الكثير من شباب تونس، ممن هم في الثامنة عشرة من عمرهم، الإدلاء بأصواتهم والمشاركة في العمل السياسي.
في العمق، برزت نقطتان أساسيتان أثارتا الجدل حول بنود الدستور. أولهما، أن الدستور لم يضع رسماً محدداً لآليات إدارة الاقتصاد التونسي أو حتى النهج المتَّبع في ذلك، غير فكرة العدالة الاجتماعية المكررة في معظم دساتير العالم، وهذا ما يجعل من الدستور عاماً جداً. أما النقطة الثانية، فهي أن الدستور فتح الباب واسعاً أمام إنهاء السلطة المركزية للدولة، إذ أنه وحسب الدستور الجديد فإن «الأقاليم لها استقلالية مالية ومعنوية، ولها مواردها الخاصة، مع مساعدة من الدولة»، وسمح الدستور لمجالس هذه الأقاليم بانتهاج الخطط، كلّ حسب ما تراه مناسباً لها. وهو ما يمهِّد الطريق، بحسب القوى السياسية الرافضة لهذا البند، لعدم نهوض تونس وتفكيك عوامل قوتها أولاً، وفتح المجال أمام النزعات الانفصالية تالياً.
إن الاتفاق على الدستور الجديد، وإن جاء غير مكتمل بعد، هو خطوة باتجاه المزيد من تفكيك سلطة «النهضة»، التي من الواضح أنها اضطرت إلى تقديم الكثير من التنازلات في الدستور الجديد. هو خطوة للحراك الشعبي التونسي، باتجاه انتزاع مكاسب وحقوقاً أكبر.