«جنيف2»..تقدم هام في سياق الصراع الدولي
عندما كانت الوفود الدولية تلقي كلمات «السلام»، والكثير من الوعظ حوله في مؤتمر «جنيف2»، المخصَّص لحل الأزمة السورية، كانت الأوضاع في أوكرانيا تتصاعد اشتعالاً، من قبل المعارضة التي يدعمها الغرب في وجه الحكومة الأوكرانية التي تنوي «الارتباط استراتيجياً مع الشرق».
جسَّد «جنيف2»، رغم كل محاولات إجهاضه منذ البداية، تقدماً لقوى السلم العالمي، ممثلةً بالروس والصينيين وحلفائهم، فيما أرسلت بعض قوى الغرب الداعمة للفاشية رسالةً غير مباشرة بالتوقيت نفسه، ولكن هذه المرة في كييف، مفادها أن «الغرب يستطيع إشعال تخوم قوى السلم» رداً على أي خسارة.
أيضاً قبل المؤتمر بيوم واحد، اشتعلت طرابلس اللبنانية بأحداث دامية، ونال ضاحية بيروت الجنوبية تفجيرٌ خلَّف العديد من الضحايا. المحكمة الدولية المختصة بالتحقيق باغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق، اتهمت قيادات في حزب الله بالضلوع في عملية الاغتيال. أتى الحدث اللبناني كمكمِّل لآليات التعطيل التي يسعى الغرب من خلالها تأمين إشعال المنطقة، كردٍّ مباشر على احتمال خروج سورية من أتون الحرب المدمرة.
السلطة الفلسطينية أيضاً لم تجد نفسها بعيدة عن التجاذبات الدولية، فجاءت زيارة محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، إلى موسكو لتشير إلى وجهة جديدة ــــ حيث القطب الصاعد ـــــ لفريق أوسلو الذي كان يرمي كل أوراقه في الملعب الأمريكي/الغربي، دون أن يعني ذلك تنازل هذا الفريق عن مشروعه «التفاوض حتى الموت»!
لا تبتعد التسوية التي شهدها «جنوب السودان»، والتي أفضت إلى وقف إطلاق النار بين الطرفين المتصارعين على أرض الجنوب، عن إطار الصراع الدولي المتكامل والمتفاعل، حيث تسعى الولايات المتحدة هناك إلى إشعال المنطقة، التي توسِّع فيها الصين نفوذها استراتيجياً ونفطياً، على حساب مصالح الأمريكي. تفجيرات نهار الجمعة في القاهرة المتقاربة مع موسكو مؤخراً تأتي أيضا في سياق الرد الأمريكي.
يستمر الصراع الدولي بالاستعار، وطالما جاء «جنيف2» كتجلٍ هام فيه لتقدم قوى السلم العالمي، على حساب القوى الداعمة للحرب والفاشية، فلا بد من رد فاشي غربي في مكان ما. ولذلك يبدو حاسماً، في هذه الأثناء، دور القوى الثورية في كل مكان، وتحديداً في استنفارها ورؤيتها الشاملة للصراع بكلِّ أبعاده الداخلية من جهة، والإقليمية الدولية من جهة أخرى.