الفساد والتهميش رافعة التطرف في الجزائر
ترتفع حدة الخلافات السياسية في الجزائر، ولاسيما بعد قرب موعد الاستحقاق السياسي الأبرز، المتمثل بالانتخابات الرئاسية التي أعلنت الرئاسة الجزائرية عن الاستمرار بتحديد موعدها في السابع عشر من أبريل/نيسان المقبل.
تأتي الأزمة السياسية في الجزائر، والمتجسدة في التخوفات الكبرى من احتمالات نجاح المتشددين الإسلاميين في إحداث خرق جديد في ساحة المغرب العربي. وهنا لا بد من الإشارة، أنه وبمعزل عن التوقيت الهام للأزمة الجزائرية، المعبَّر عنه بالتغيرات الدولية، والصراع الجاري ما بين الولايات المتحدة الأمريكية، والقوى الصاعدة على المسرح الدولي، فإن الجزائر لا يزال يكتسي أهمية بالغة بالنسبة إلى أوروبا، وخصوصاً فرنسا وإيطاليا، المهتمين أصلاً بدول جنوب المتوسط، نتيجة للصلة الوثيقة التي تربطهم بتلك المنطقة، تاريخياً.
في بحثها عن الثغرات التي تستطيع الدخول منها، عملت القوى الإسلامية المتشددة على استثمار أكثر من نقطة. أولها كان النفوذ الواسع الذي يتمتع فيه الفساد الكبير في جهاز الدولة الجزائري، مما وسَّع من عمليات التهميش في الداخل الجزائري، بالتوازي مع غياب الحريات الديمقراطية والتضييق عليها. هذا بالإضافة إلى استغلال هذه القوى لأزمة الهوية الجزائرية، وعليه، يتم الحديث عن دور فاعل للمدرسين المصريين، المنتمين إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، في ترسيخ التشدد لدى الفئات الواسعة من الشباب الجزائري. استغلال النقاط السابقة، بالترافق مع اقتصار النظام الجزائري على إطلاق حملات «التحذير» ضد القوى الإسلامية المتشددة، ساعدا هذه القوى على إيجاد طريقها للصعود مجدداً في الجزائر.
يذكر أن تحولات اقتصادية جدية جرت خلال السنوات الأخيرة في الجزائر، حيث كان الانحراف اتجاه اللبرلة الاقتصادية واضحاً. في الجزائر، تقوم وسائل الإعلام ببث برامج مخصصة لعرض نصائح «صندوق النقد الدولي» لـ «النهوض» باقتصاد الجزائر، من تقليص للنفقات العامة الجزائرية، إلى زيادة «المرونة» في سوق العمل. جميع هذه الشعارات كان يتم تبنيها في اللحظة التي كان قد بلغ الاحتقان الشعبي فيها أوج قمته، وفي الوقت ذاته الذي كان فيه النظام الجزائري يلعب دور الأداة في يد القوى الغربية، ولاسيما بعد استدراج بلاده إلى الحرب في مالي، والتي يدفع ثمنها الجزائريون حالةً من الفوضى في بلادهم، بالإضافة إلى إيجاد التربة التي ينمو فيها التشدد الديني.