اليسار العراقي والفرصة التاريخية لاستعادة الدور

اليسار العراقي والفرصة التاريخية لاستعادة الدور

لم تعد القوى الطبقية الحاكمة قادرة على مواصلة سيطرتها ونهجها من خلال الاستمرار في ترويج الخطاب الطائفي، فعمدت خلال السنوات الأخيرة إلى ارتداء القناع الوطني، واهمة في إمكانية خداع الجماهير الرافضة لخطاب التبعية والتقسيم

تشير الأزمة الاقتصادية ــــ الاجتماعية السياسية التي تعصف بالمجتمع بوضوح إلى مسؤولية هذه القوى الحاكمة عنها. ولم يعد المواطن العراقي مستعداً لسماع اللغو اليومي لتبرير الأوضاع المؤلمة التي تحيط به، وراح يتطلع إلى إحداث تغيير حقيقي في النظام السياسي.
اليوم, وبعد عقد من الاحتلال والحكم الطائفي, يواصل اليساريون العراقيون نضالهم من أجل فتح طريق الخيار الوطني التحرري أمام المجتمع للتخلص من نظام المحاصصة الفاسد، تساندهم في نضالهم هذا القوى الوطنية العراقية.
لقد قاد اليساريون العراقيون، منذ تأسيس الدولة العراقية في 1921، الكفاح الوطني للتحرر من الاستعمار البريطاني في وثبات وانتفاضات وإضرابات عمالية توّجت بثورة 14 تموز 1958 الخالدة، التي أسقطت نظام الحكم الملكي العميل، وحررت العراق من نير الاستعمار البغيض. وخاض اليساريون العراقيون، منذ انقلاب 8 شباط 1963 الفاشي، وبعد احتلال العراق في نيسان 2003، المعركة تلو الأخرى من أجل الديمقرطية والعدالة الاجتماعية.
وتشكِّل انتخابات نيسان 2014 في نظر القوى الوطنية، الرافضة لنظام المحاصصة، مخرجاً لا بديل عنه، ويبيّن الخلاف بين الاستراتيجية الوطنية والإستراتيجية اليسارية، والذي يمكن تحديده بما يلي:
أولاً، لا يرى اليسار العراقي في هذه الانتخابات سوى تكرار مسخ لسابقاتها، من حيث انعدام الشروط الضرورية لإجراء الانتخابات الحرة والنزيهة. فأحزاب السلطة تملك الأموال والفضائيات والصحف، بينما لا تجد الأحزاب الوطنية واليسارية المال الكافي لإصدار صحيفة واحدة .
ثانياً، سيطرة الميليشيات الطائفية والاثنية على الشارع, والتي ترهب المواطن العراقي وتمنعه من ممارسة حقه الانتخابي، عدا عن بعض أفراد الجيش وقوات البيشمركة، الذين زاد عددهم عن المليون ونصف، والذين يدينون بالولاء للأحزاب التي يتنمون اليها مقابل مرتبات مغرية.
ثالثاً، انتشار الأمية، ووجود أكثر من سبعة ملايين أمي، تسيرهم المرجعيات الدينية وفقاً لمصالحها.
لقد آمن اليسار العراقي وأعلن موقفه أمام الشعب العراقي في استحالة الخلاص من الكارثة دون خيار الثورة الشعبية. ولم يكن هذا الموقف انعزالياً، بل معرفياً وواقعياً، اقترن بالدعوة إلى خوض كل أشكال النضال الممكنة، بما في ذلك خوض الانتخابات بهدف إدخال العناصر الوطنية واليسارية إلى البرلمان, والتعويل على التغيير الوطني الشامل والمطلوب.
وعلى الرغم من اشتراك اليسار العراقي قبلاً في حوارات صبورة للتوصل إلى برنامج عمل سياسي مشترك، يعكس تطلعات الشعب العراقي لإيجاد البديل التقدمي والديمقراطي، لكن بعض القوى اختارت طريق التحالف الانتخابي بديلاً عن التحالف التقدمي الديمقراطي.
 
لقد عمل اليسار العراقي، وسيواصل جهده من أجل قيام تحالف وطني تحرري واسع، يعمل على تنمية وتطوير التحركات الاحتجاجية الجماهيرية، وأخذها باتجاه الانتفاضة الشعبية، طريق الشعب نحو النصر . 

صباح الموسوي : عضو لجنة العمل اليساري العراقي المشترك