«الاتحاد الخليجي».. أطروحات للجم الفشل السعودي
على وقع تراجع المشروع الأمريكي في المنطقة، وما يتبعه بطبيعة الأحوال من تراجعٍ لأدواته التي عاثت فساداً في المنطقة، تسعى السعودية، إحدى هذه الأدوات، إلى خلق مركز إقليمي جديد، كردة فعلٍ على تهاوي مشاريعها في المنطقة
جاءت فكرة المركز الإقليمي الجديد على لسان السعودية، التي استعادت طرح مشروع تحويل «التعاون الخليجي» إلى «الاتحاد الخليجي». مشروع «الاتحاد» هذا كانت قد طرحته السعودية في عام 2011، واليوم وبعد الفشل السعودي على الصعيد الإقليمي، كتابعٍ لرأس المال المالي الفاشي،كان لا بد لها من إعادة إنعاش مشاريع من شأنها أن تحافظ على الدور الإقليمي للسعودية من جهة، وتؤمن استمراراً للمشروع الفاشي الجديد من جهة أخرى تحت ذريعة الحفاظ على أمن الخليج
إن لـمشروع «الاتحاد الخليجي» جذرين أساسيين. في السياسة، يأتي المشروع في سياق الرد السعودي على تنامي الدور الإقليمي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة، على حساب الدور السعودي الآيل إلى التراجع، هذا الرد الذي تعودت السعودية أن تطلقه بناءً على قاعدتها الثابتة المتجسدة بأن الخطر الحقيقي الداهم في منطقتنا، هو ليس العدو الصهيوني، بل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وطبعاً يُسخر لهذا الطرح أدواته المتمثلة باستحضار الخطاب الطائفي كلما لزم الأمر.
وفي الاقتصاد، لا يبدو أن فرصاً حقيقية لتحقيق تكامل اقتصادي ما بين دول «الاتحاد الخليجي» من الممكن أن تنشأ، حيث أن بوادر عدم نضوج هذا المشروع تتجلى في حقيقة تماثل هذه الدول من حيث اتباعها نمط الإنتاج الريعي نفسه، هذا بالإضافة إلى استبعاد إمكانية نجاح الوحدة النقدية (إصدار عملة خليجية واحدة) الذي يحمله المشروع، وهذا بسبب عدم توافر التوافق الحقيقي حوله، في الوقت الذي ترفضه عُمان والإمارات.
وفي ردود الفعل حول طرح هذا المشروع، كان صوت عمان هو الأقوى، حيث بادر وزير الدولة للشؤون الخارجية العماني، «يوسف بن علوي بن عبد الله»، إلى إعلان رفض بلاده لمشروع «الاتحاد» قائلاً: «نحن ضد الاتحاد لكننا لن نمنعه. وفي حال قررت الدول الخمس الأخرى الأعضاء في المجلس إقامة هذا الاتحاد فسننسحب، ببساطة، من مجلس التعاون الخليجي». فيما لفتت الإمارات، الساعية إلى الإبقاء على حالة الانفتاح الأخير على الروس، إلى ضرورة «الروية والمزيد من البحث والدراسة».
تبدو السعودية في قمة حاجتها للخروج من حالة العزلة الإقليمية التي تعيشها، فالعزلة تمنع عنها توسيع دورها الفاشي مستقبلاً، والمتمثل بتقديم الدعم السياسي والمالي لأدوات الفاشية الجديدة. هذا ما يجعلها بحاجة لتأمين الغطاء المالي المتجسد بمشاريع على شاكلة «مشروع الاتحاد الخليجي».