المشروع الخليجي الأمريكي.. بوابة فوضى اليمن
عاد اليمن ليشهد تصعيداً لأعمال العنف من جديد، بدأ بهجوم تنظيم «القاعدة» على الحوثيين في «صعدة»، ومن ثم ضرب مواقع لـ «القاعدة» في أبين. وفي العاصمة، شهدت البلاد مقتل مواطنين أجانب، وكذلك هجوم «جبهة النصرة» اليمنية على الحوثيين في مناطق أخرى.
جرى كلُّ هذا، بالتزامن مع الخلاف الناشئ في مؤتمر الحوار الوطني، والذي أدى إلى انسحاب ممثلين من الحراك الجنوبي لليمن من المؤتمر، مما استدعى تصعيداً أمنياً في العاصمة، وتطويق عناصر الأمن للفنادق التي جرت فيها جلسات المؤتمر.
اليمن.. خمسة أقاليم وعاصمتان!
لم يكن هذا التصعيد جديداً بالنسبة للقوى السياسية في اليمن، التي اعتادت أن يكون العنف مشهداً متكرراً، بعد إفلاس المشروع الأمريكي السعودي في احتواء القضية اليمنية مرة بعد مرة، منذ انطلاق الحراك الشعبي، والذي أعلن هذه المرة بتوقف أعمال مؤتمر الحوار الوطني في اليمن.
وقد ذكرت قناة «روسيا اليوم» إعلان «محمد علي أحمد»، رئيس مؤتمر شعب الجنوب، الذي يرأس فريق القضية الجنوبية بمؤتمر الحوار الوطني الأربعاء 27 تشرين الثاني، انسحاب الحراك الجنوبي من المؤتمر، وقال أحمد في مؤتمر صحفي بصنعاء إن: «اللجوء إلى اتخاذ قرار الانسحاب من مؤتمر الحوار اليمني جاء بعد استنفاد كافة المحاولات والجهود السياسية للتوصل إلى حل عادل للقضية الجنوبية».
في حين صرح «فهمي السقاف»، القيادي في الحراك، لوكالة «رويترز» أن: «قرار الانسحاب جاء بسبب عدم الوفاء بالالتزامات التي قطعت من قبل السلطات، والتدخلات في شؤون الحراك الجنوبي ومحاولات شقَّه». هذا وعزت قوى الحراك الجنوبي انسحابها من المؤتمر إلى عدم الوصول لاتفاق حول قضية الشكل الجديد لليمن، المقرر بتقسيم اليمن إلى 5 أقاليم وعاصمتين، وعدم الوصول إلى حل عادل لقضية اليمن الجنوبي، بالإضافة إلى تغيير بعض أعضاء اللجنة المصغرة المعنية بحل القضية الجنوبية، دون الرجوع إلى قادة الحراك الجنوبي، وهو ما اعتبره الجنوبيون محاولة تمييع القضية الجنوبية، وتفريغ المؤتمر من مضمونه وأهدافه.
الحراك الشعبي.. ومآلات التغيير اليمني
يشير ما سبق إلى مسألتين في تطور مسار الأزمة اليمنية، الأول، هو هشاشة المشروع الأمريكي الخليجي، وعدم قدرته على الاقتراب من تطلعات اليمنيين، ونجاح قوى المعارضة في تحسس خطورة هذا المشروع على مستقبل اليمن، والثاني، هو فشله في احتواء القضية اليمنية، رغم كل الجهود الذي بذلتها دول العشر لدعم تنفيذه، ورغم الدعم الدولي الواضح لنظام بن علي، الذي مازال يقود اليمن في المرحلة الانتقالية.
وفي المقابل، ظهر بعد الهجوم المباشر الذي شنه الإعلام الرسمي اليمني، مباشرة على قوى الحراك الجنوبي واتهامه بعرقلة مؤتمر الحوار، خطر التلويح بانقسام المعارضة اليمنية على نفسها، وخصوصاً الحراك الجنوبي، وبالتالي إضعاف موقفه السياسي في البلاد، ودعم حكومة عبد ربه وريث بن علي، وربط العنف، الذي تقوده «القاعدة»، بنشاط الحراك الشعبي وعلى رأسه قوى الحراك الجنوبي اليمني، وكذلك تصويرها على أنها ذات نزعة انفصالية، وتشكِّل خطراً على وحدة البلاد، وجر المعارضة اليمنية إلى مربع تقاذف الاتهامات مع الحكومة، وإلهائها عن مهماتها الأساسية، وبالتالي يتحمل الحراك الشعبي اليمني على عاتقه مسؤولية إحباط محاولة النظام وحلفائه، وخصومه الشكليين، خطف راية حل القضية اليمنية، ومنعه من تمييع قضيته ومطالبه المحقة.