مصر.. التوجهات الصلبة والقضايا الملِّحة
يتفتح المشهد المصري اليوم، على خطَّين متوازيين، الأول هو استمرار التصاعد في الخطاب الرسمي المصري اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الإقليميين، والثاني، هو استحقاقات الداخل المصري المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقضايا الاقتصادية – الاجتماعية والوطنية.
كان من اللافت خلال الأسبوع الماضي، قيام الحكومة المصرية، وعلى لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها، «بدر عبد العاطي»، بالإعلان عن طرد السفير التركي من مصر، باعتباره «شخصاً غير مرغوب فيه، وعليه أن يغادر البلاد».
طرد التركي.. صفعة للأمريكي
لم تكن عملية الطرد هذه، مجرد رد دبلوماسي خالص، وإن كانت القاهرة قد أعلنت بأن الأسباب الموجبة لذلك عائدة إلى «تكرار التصريحات الاستفزازية من جانب رئيس الوزراء التركي، والتي تضمنت مجموعة من الأمور غير الواقعية والافتراءات والقلب للحقائق».
إلا أن العديد من الإشارات الضمنية، والعلنية في بعض الأحيان، كانت قد أرسلتها الحكومة المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لتعلن بما مفاده أن عملية الطرد هذه تحمل في طياتها ما لا يسرُّ الإدارة الأمريكية. وفي هذا السياق، أعلن رئيس الوزراء المصري،«حازم الببلاوي»، يوم الأربعاء الماضي بأنه: «لو قال أوباما ما قاله أردوغان بحق مصر، لاتخذنا الموقف ذاته مع أمريكا»..
خارطة الطريق.. على أنقاض التبعية
فيما يواكب المصريون اليوم استحقاقاتهم السياسية، التي تجسدت في الأسبوع الماضي، بالجدل القائم حول التعديل الجديد للدستور المصري، الجدل الذي كشف في طياته الهوية الحقيقية لكلٍّ من التكتلات السياسية في مصر.
وكان قد أعلن وزير الدفاع المصري، «عبد الفتاح السيسي»، في كلمةٍ له أمام أفراد القوات المسلحة في 25 تشرين الثاني، أن هناك «العديد من الإجراءات التي تتم لتصحيح المسار الديمقراطي وإقامة نظام يرضي جميع المصريين»، بما يتطلب «الفهم الحقيقي لمتطلبات هذه المرحلة».
اليوم، يرتهن النجاح في تلبية مطالب المصريين، ومعالجة قضاياهم، بحل الأزمة من جذورها، أي من خلال القطع التام مع السياسات الليبرالية التي شكَّل اتخاذها من نظام مبارك الأساس الأول للحراك الشعبي المصري، واتخاذها فيما بعد من جماعة «الإخوان المسلمين» في استمرار هذا الحراك. إن هذا القطع مع البرنامج الاقتصادي الاجتماعي الليبرالي، لا بد له أن يتوازى مع المزيد من الصلابة التي تبديها الحكومة المصرية اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية، الساعية اليوم إلى استمالة الحكم الجديد، من بوابة الهجوم المتأخر على جماعة «الإخوان المسلمين»، وهو ما تجلى في التصريح الأخير لـ«جون كيري».