«99% من أوراق الحل بيد أمريكا».. تسقط!
بالعودة إلى مسار التنمية وبنيان النظام السياسي المصري، سنجد أن لحظة انعطاف عبد الناصر تجاه الاتحاد السوفييتي صاغت نموذجه السياسي والاقتصادي- الاجتماعي، نموذج «التنمية المستقلة»، إن صحَّ التعبير.
ولاحقاً كان لنظام «كامب ديفيد» في مصر، والمبني على مقولة «99% من الحل بيد أمريكا»، نموذجه المختلف في التنمية الاقتصادية ــــ الاجتماعية، فبات قائماً على التبعية لواشنطن ومؤسساتها، كصندوق النقد والبنك الدوليين.
تهيئة شروط التغيير
اليوم، ومع التحول المتصاعد لعلاقات مصر تجاه روسيا، يمكن الحديث عن سقوط مقولة «السادات» الشهيرة، حيث مثلت هذه المقولة/العقيدة، عقيدة تيار الاستسلام والخيانة، وكانت فاتحته لتوقيع اتفاقية «كامب ديفيد» المشؤومة. ولا يعني سقوط المقولة سقوط المعاهدة بتاتاً، لكنه يعني تغيّراً استراتيجياً في الوضع الدولي لمصر، ما سيفضي لتغييرات جذرية على صعيد بنية كل النظام الداخلي المصري.
استراتيجية العسكر والاقتصاد
يشمل الاتفاق المصري ــــ الروسي اليوم العديد من القضايا، ليس أهمها العسكرية بكل تأكيد، لكنه مقدمة استراتيجية، فالسلاح المزمع توريده، ووفقاً لأحاديث محللين روس، قد يشمل منظومات دفاع جوي «إس300» وصورايخ تكتيكية كصورايخ «اسكندر»، وطائرات «سوخوي» الحديثة ودبابات «تي 90»، وتحديث المدرعات والدبابات الروسية القديمة. بكل تأكيد، لا يرى المصريون في قدرات الروس التسليحية أنها قادرة، حالياً، على تغيير كبير في اعتماد مصر على السلاح الأمريكي، وذلك بسبب ضعف التمويل، لكنها ستعمل على تغييرات جذرية في المفاصل الحساسة، وتحديداً في قدرات مصر الردعية والدفاعية. يضاف إلى ذلك، الاتفاق على إجراء مناورات مشتركة لمكافحة الإرهاب والقرصنة، وعلى تبادل وفود مشتركة للقوات البحرية والجوية بين البلدين.
يضاف إلى ذلك، انفتاح اقتصادي وتجاري هام بُدئ بالحديث عن إعلان وزارة الكهرباء المصرية، يوم الخميس 14 نوفمبر/تشرين الثاني، أن مصر ستطرح مناقصة دولية في يناير/كانون الثاني المقبل، لبناء أول محطة لتوليد الطاقة الكهرذرية في البلاد، وكان وزير التجارة والصناعة المصري السابق «حاتم صالح»، قال في أبريل/نيسان الماضي، إن روسيا وافقت على مساعدة مصر لاستخدام الطاقة النووية، بعد توقف مصر عن برنامجها النووي، منذ عام 1986، ما يعيد للأذهان طريقة بناء السد العالي التي قام بها الاتحاد السوفييتي.
لا ينبغي طبعاً الحديث عن تكرار الماضي، فالتاريخ يسير للأمام، لكن ما نستطيع استنتاجه، بكل وضوح، أن شروطاً موضوعية وذاتية مصرية تنضج، أكثر فأكثر، لتغيير نظام «كامب ديفيد» تغييراً جذرياً.