مصر نحو التصعيد أم التجذّر؟!

مصر نحو التصعيد أم التجذّر؟!

بعد صمت مريب ومثير للجدل من الحكومة المصرية إثر إطلاق إثيوبيا مشروع سد النهضة على النيل الأزرق وانطلاق الإعلام في التكهن والتحليل لمسيرة العلاقات المصرية الإثيوبية، يفاجئ الرئيس مرسي  الشعب المصري بأن مصر لا توافق على مشروع السد، ولوح باللجوء إلى الخيار العسكري



صحوة الأمن القومي!
بدأ مناصرو مرسي والحكومة بالدعوة لاصطفاف جميع القوى من أجل الدفاع عن «أمن مصر المائي والقومي» في محاولة منهم اللعب على القضية الوطنية، وذلك من خلال الحديث عن قضية المياه وحسب دون الأخذ بعين الاعتبار العلاقات الإسرائيلية-الإثيوبية، فما تناساه مرسي والإخوان أن الدور الصهيوني العابث بالأمن القومي يبدأ بمعاهدة كامب ديفيد ولا ينتهي عن الحدود الإثيوبية فقط.
جاء ذلك تحديداً على أبواب دعوة القوى المناهضة للرئيس مرسي وحكومة الإخوان في 30 حزيران الجاري حيث تحشد القوى السياسية والثورية لمظاهرات تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، وتتزامن مع الذكرى الأولى لتولي مرسي السلطة، كما أعلنت حملة «تمرد» (الحملة الداعية لسحب الثقة من الرئيس مرسي الداعية لإجراء انتخابات مبكرة ويشارك فيها: التيار الشعبي المصري -حزب الدستور -حزب التحالف الشعبي الاشتراكي -الحزب المصري الديمقراطي -حزب المصريين الأحرار-حزب الكرامة -الحزب الناصري الموحد -الاشتراكيون الثوريون -الجمعية الوطنية للتغيير -حركة كفاية -حركة ٦ أبريل الجبهة الديمقراطية -حركة شباب من أجل العدالة والحرية -الجبهة الحرة للتغيير السلمي -حركة شباب الثورة العربية) بلوغ عدد التواقيع المؤيدة للحملة لمليون توقيع في محافظة المنوفية وحدها.
وفي هذه الأثناء قامت وزارة الثقافة المصرية وبقرار أصدره وزير الثقافة علاء عبد العزيز بإغلاق كل المدارس الفنية في مصر، ما أثار احتجاجات جديدة.
عمال مصر والمواجهة المركبة
في سياق آخر ومع ارتفاع وتيرة مواجهة الاحتجاجات العمالية وعودة أساليب قمع التحركات العمالية، والتي وصلت إلى حدود الفصل عن العمل وإلقاء القبض على العشرات من القيادات النقابية والحكم على المحتجين بالسجن لسنوات، قامت منظمة العمل الدولية بوضع مصر على قائمة الدول السوداء بسبب استمرارها بالعمل على قانون العمل رقم 35 لعام 1976 والذي يحظر مواده على العمال من تنظيم أنفسهم في نقابات مستقلة وتجبرهم على العمل فقط في إطار الاتحاد العام لنقابات مصر.
لكنّ المراقبين المختصين يعيبون على النموذج الذي تفرضه منظمة العمل الدولية فكرة «النقابات المستقلة» كونها تؤدي إلى انقسام الطبقة العاملة وضرب وحدة نضالاتها، وفي الوقت نفسه يرى المختصون أن صيغة الاتحاد العام لنقابات العمال المهيمن عليها من جهاز الدولة هي أيضاً صيغة متردية وتُخضع النقابات لسلطة جهاز الدولة، مما يضع أمام الطبقة العاملة المصرية مهمة إنجاز قاتون جديد مناقض للشكلين السائدين.
يبدو أن الوضع المصري اليوم يتجه إلى مواجهات كبرى خلال الأسابيع القادمة سيكون عنوانها العريض مع/ضد مرسي، لكن هذا الشكل من الصراع لايزال يدور في فلك الأسماء دون الخوض في عمق البرامج السياسية والاقتصادية التي تقوم عليها القوى السياسية، وهو مايعني ضرورة بحث القوى الوطنية المصرية على نموذج يغوص إلى أعماق وجع المصريين.