السوريون في لبنان.. اعتقال للعمال و«تمييز» في الجامعات وتهديد بالترحيل

السوريون في لبنان.. اعتقال للعمال و«تمييز» في الجامعات وتهديد بالترحيل

يعيش السوريون في لبنان مؤخراً حالة من «الخوف والرعب» و«الترقب» في انتظار ما ستؤول إليه أوضاعهم بعد حالة «الاحتقان» وما خلفته من «ممارسات عنيفة» من بعض اللبنانيين ضدهم، وخاصة بعد نبأ قيام الجماعات المسلحة الإرهابية بإعدام جندي لبناني ثانٍ في عرسال.

اعتداء بعض اللبنانيين على النازحين السوريين هناك، كان متعدد الأشكال، فعدا عن مأساة عبور الحدود اللبنانية- السورية للدخول إلى الأراضي اللبنانية والممارسات «المهينة» من بعض ضباط الأمن العام بحسب بعض الشكاوى، بدأت بعض الجماعات التي وصفت بـ«المتشددة» والخارجة على القانون- في بعض الحالات الملموسة والموثقة- بالاعتداء على أي مواطن سوري في عمله أو جامعته أو منزله، وترافق ذلك مع عدة قرارات موثقة صادرة عن عدد من البلديات، طالبت السوريين النازحين بالحد من التجوال ليلاً، وطالبتهم أيضاً بالرحيل إلى ديارهم خلال مدة معينة وإلا «سيتعرضون للضرب».

 

اعتقال العمال من الورش

وبحسب «مصطفى. د»، وهو سوري موجود حالياً في منطقة «دكوانة» القريبة من العاصمة بيروت، فإن «البلدية هناك أصدرت قراراً يمنع السوريين من التجوال بعد الساعة الثامنة ليلاً» مشيراً إلى أن بلدية «برج حمود» عممت لافتات في الشوارع طلبت من السوريين عبرها إخلاء منازلهم فوراً.

وتابع مصطفى «أحضر المخفر القريب من منزلي، يوم الثلاثاء الماضي، شابين سوريين يرتدون ملابس العمل المهترئة، وكأنه ألقي القبض عليهم من داخل ورشتهم» مشيراً إلى أن «بعض عناصر المخفر كانوا يلقون الشتائم عليهم وقد عصبت عيونهم وكبلت أيديهم».

وأشار مصطفى إلى أن «الشرطة اللبنانية داهمت العديد من ورش العمل التي يعمل بها سوريون، وقد تم اقتيادهم إلى جهة مجهولة» مضيفاً «الشهر الماضي تعرض صديق لي يعمل في منطقة تدعى (بكفيا) بالجبل، للاعتقال، حيث داهمت الشرطة الورشة التي يعمل بها وسحبوا جواز سفره بحجة إزعاج الجيران».

وفي إحدى حدائق شارع الأوزاعي تتعرض العائلات (نساء وأطفال ومسنين) من السوريين والفلسطينيين السوريين لمعاملة مهينة، وذلك أثناء تواجدهم في الحديقة مع الطلب إليهم بالمغادرة الفورية...  وإلّا..!!؟

 

الاعتداءات مستمرة

وتابع «يزداد قلق السوريين كلما ابتعدوا عن مركز مدينة بيروت، حيث يخف تمركز الأمن اللبناني، وهناك تقوم عصابات مشكلة من مجهولين بالاعتداء على السوريين في ظل عدم وجود أي تشديد أمني يذكر».

وبدورها، قالت «خلود. م»، مواطنة سورية نزحت إلى لبنان وتسكن في بعقلين بمنطقة الشوف منذ حوالي العام، «سمعنا عن أكثر من 70 حالة اعتداء على سوريين في البقاع وبيروت خلال الشهر الماضي، والاعتداءات مستمرة يومياً، آخرها طعن شاب سوري بالسكين من مراهقين لبنانيين في بيروت الجنوبية».

وتابعت «المنشورات التي تم لصقها بمنع التجوال بعد الثامنة ليلاً والسادسة ليلاً، معروفة دون تعميم ورقي منذ حوالي 4 أشهر، إلا أن التوتر الأمني الأخير دفع البلديات إلى توزيع منشورات تؤكد على السوريين عدم التجوال مساء، والبعض طالبهم بالرحيل فوراً».

وأردفت قائلة «في بعقلين، قامت البلدية بوضع حواجز، يقف عليها شبان يرتدون زياً مدنياً، يقومون بمنع السوريين من التجوال بعد الساعة الثامنة ليلاً مهما كانت الظروف، ومن يخالف ذلك بعد التنبيه، قد يتعرض للإهانة والاعتداء من قبل هؤلاء دون أي رادع، ما سبب مشكلة لدى العمال السوريين الذين يعملون ليلاً».

وأشارت إلى «وجود حواجز طيارة للأمن والجيش اللبنانيين، يظهرون فجأة ويدققون على البطاقات الشخصية للسوريين، وقد يتم اعتقال البعض لأسباب غير واضحة».

ونوهت إلى أن «السوريين في مناطق سكنهم تعرضوا لعزلة، فقد منعت البلديات دخول الضيوف السوريين لزيارة أقاربهم».

 

«حقد» في الجامعات والأسواق 

طالب في إحدى الجامعات اللبنانية، قال إن «بعض الطلاب اللبنانيين يعاملون الطلبة السوريين بحقد وكره» مشيراً إلى أن «بعض أساتذة الجامعة غيروا أيضاً طريقة معاملتهم مع الطلبة السوريين، ما انعكس على نتائجهم الدراسية والنجاح والرسوب».

الطالب الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه، أكد بأن «بعض المحال التجارية وخاصة في زحلة، تمتنع عن بيع السوريين من لهجتهم» مشيراً إلى أن «بعض أصحاب المحال التجارية يقولونها صراحة (لا نبيع السوريين)».

وبدوره أكد «أ. ش»، طالب سوري يدرس في الجامعة الإسلامية ببيروت، بأن «الجامعة أجلت الدورة التكميلية للعام الحالي بعد الأحداث الأخيرة والاعتداء على بعض الطلبة السوريين، ما قد يهدد مصيرنا التعليمي، ويرتب علينا أعباء مالية أخرى كرسوم الجامعة في حال الرسوب».

ونشر نشطاء مؤخراً على مواقع التواصل الإجتماعي «فيسبوك» صوراً لطالب سوري يتلقى تعليمه في إحدى  الجامعات اللبنانية، وهو يتعرض للضرب واللكم والإهانة من قبل شبان لبنانيين.

 

ركوع على الحدود!

وأجمع كل من التقتهم «قاسيون» بأن «معاملة السوريين على الحدود اللبنانية سيئة جداً»، وقد أكد البعض بأن «درك الحدود اللبناني يقوم بعض الأحيان بتركيع الشبان وضربهم بالعصي، بعد ساعات انتظار طويلة».

وقال أحد الشبان السوريين الذي منع من دخول لبنان مؤخراً، إن «الحدود اللبنانية فيها حوالي 22 شباكاً لتسيير المسافرين، إلا أن الدرك اللبناني لا يفتح سوى 10 شبابيك» مشيراً إلى أنهم «يتعاملون مع السوريين بمزاجية عالية وأحياناً على الشكل بعد التمعن به جيداً، وغالباً يمنع دخول الشبان وحدهم».

وأردف «قام أحد الضباط اللبنانيين أمامي بكسر الهوية الشخصية لأحد الشبان السوريين بعد مجادلته، بينما تم منع دخول آخرين لـ6 أشهر وإعادة البعض دون أي مبرر».

وفي ليلة الأثنين- الثلاثاء الماضية تعرض أحد الشباب السوريين للضرب والذي أمضى عدة ساعات بانتظار دخوله، وذلك أثر احتجاجه على كلمات الإهانة النابية التي وجهها له أحد عناصر الأمن العام اللبناني.

وكانت تقارير سابقة، أفادت بأن «سلطات الحدود اللبنانية تمنع دخول السوريين الذكور إلى أراضيها، بينما يتم إدخال الأطفال والنساء بصعوبة بعد الانتظار لساعات طويلة مشبعة بالإهانة التي يمارسها عناصر الأمن»، وأضافت بأن «السلطات اللبنانية تتخذ إجراءات مجحفة بحق السوريين وذلك على خلفية أحداث عرسال».

ومن جهته أعلن وزير الداخلية والبلديات في لبنان إلى أن «هناك  1400مخيم سوري عشوائي، ولا نعرف أوضاعهم ومدى مخالفتهم للقوانين»!

وأشار الوزير، إلى أن «لبنان لا يستطيع أن يحتمل هذا العدد من النازحين السوريين نظراً للخطر الذي يشكله هذا النزوح واعتبر أن نقطة الفصل هي إبعاد اللاجئين السوريين عن عرسال ونقلهم إلى نقطة محددة في الداخل اللبناني أو أي مكان آخر».

 

إجراءات تعسفية

وبدوره، قال وزير الشؤون الإجتماعية اللبناني رشيد درباس بعد الاجتماع الدوري للجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف اللاجئين السوريين إن «اللجنة إجتمعت في ظل التطورات التي يشهدها لبنان وفي ظل التهديدات التي تعرض لها النازحون السوريون في أكثر من منطقة وقد تداول المجتمعون في ثلاث مسائل رئيسية؛ المسألة الأولى أنه لم يعد هناك من داع للنزوح لأن المناطق التي يجري فيها القتال لم يعد فيها عائلات سورية ومواطنون مدنيون، فهذه المناطق قد أخليت تماماً في موجات هجرة متعددة وقسم كبير منهم قد أصبح في لبنان».

وأضاف درباس أن «الأمر الثاني هو أن القتال الذي يحدث في المناطق البعيدة عن الحدود اللبنانية وهي الأقرب إلى دول أخرى لا يمكن للبنان أن يتحمل نزوحها إلى هنا، ولهذا فإن هذه اللجنة وتأكيداً لقرارات سابقة لمجلس الوزراء أكدت ضرورة التدقيق في مسألة النزوح لأنه لم يعد هناك من داع لهذا النزوح ولا بد من التدقيق في المسائل الإنسانية».

وتابع أن «كل من يذهب إلى سورية من النازحين يفقد صفته كنازح وسنكون متشددين في ذلك»، والأمر الثالث هو «البحث في إقامة مراكز إيواء نموذجية في المناطق الفاصلة بين الحدودين والتي هي تابعة للدولة اللبنانية».

 

مليون ونصف لاجئ

وقدرت الأمم المتحدة في تقرير صدر عنها تموز الماضي عدد اللاجئين السوريين في لبنان بأنه قد يتجاوز مع نهاية العام الحالي «المليون ونصف المليون، أي أكثر من ثلث السكان»، محذرة من «العبء الثقيل المتزايد الذي يعاني منه اقتصاد البلد الصغير ذي الموارد المحدودة نتيجة ذلك».

 

وأوضح التقرير أن «نسبة 53 في المئة من اللاجئين السوريين هم من الأطفال، ولن يكون في الإمكان تزويد أكثر من 800 ألف لاجىء باللوازم الضرورية لمواجهة موسم الشتاء القادم، كما لن تتأمن مياه الشرب لأكثر من ثلاثين ألف شخص بينهم لبنانيون».