الحركة النقابية في ظل الأزمة: الفساد يعني الإرهاب.. وارتفاع التكاليف وغلاء المعيشة(4)
ظاهرة الفساد هي نتاج رأسمالية الدولة التي تنعدم فيها الديمقراطية، وسيطرة الأحادية السياسية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية، حيث يخرج جهاز الدولة عن رقابة المجتمع والقوى الشعبية ويصبح حيث من المستحيل فضح الفساد والمافيا المرتبطة به، وتتحول هذه الحالة إلى إعادة إنتاج الفساد بشكل مستمر تمنع تنفيذ أي برنامج وطني.
جاء في دراسات نشرت حول الفساد في دول «رأسمالية الدولة» وهي الدولة التي تسيطر على النشاط الاجتماعي وعلى المؤسسات الديمقراطية وخاصة الأحزاب ومجالس النواب والمنظمات الشعبية وخاصة القضاء، مما يؤدي إلى ازدياد التناقض بين الدولة والمجتمع، ويؤدي عملياً إلى ارتفاع التكاليف وغلاء المعيشة، والبطالة، والتهميش، وإلى الحد من كل نشاط سياسي أو فكري ويصبح الاحتجاج الشعبي مكتوماً وهو قابل للانفجار في أية لحظة، فاستمرار الفساد يعني ضرب كل تغيير مطلوب في جهاز الدولة ومنه القطاع العام، ويمكن الإشارة إلى الدور الذي تلعبه قوى السوق باعتبارها قوةً فاعلةً في النشاط الاقتصادي وتعيق التغييرات المطلوبة لمصلحة أغلبية الشعب، حيث تلعب دوراً أساسياً في تعميق الأزمة من خلال تحكمها في ارتفاع الأسعار ونهب البلاد والعباد مما زاد التكاليف الحياتية على الفقراء.
مخاطر الفساد على الدولة والشعب:
ليس الفساد بظاهرة عادية، وحين يستشري الفساد، تكون الدولة قد فقدت وظائفها كما يكون الشعب، قد فقد جزءاً هاماً من حقوقه، وهو العدالة الاجتماعية، والدولة الوطنية، فسيطرة الفساد يعني خدمة الأقلية ضد الاكثرية من الشعب، الفساد ليس ظاهرة مالية فقط بل ظاهرة ممتدة إلى مواقع السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية والفكرية والأخلاقية للشعب الذي يصبح محروماً من العدالة متلبساً بالظلم الذي حل به الشعب والعمال يعانون كثيراً وعلى قول السيد المسيح من له عينان فلير، ومن له آذان فليسمع..
الحركة النقابية في مواجهة الفساد موضوعياً
هل من الممكن أن تطرح الحركة النقابية شعار محاربة الفساد؟
الحركة النقابية هي حركة وطنية، ومصلحة من تمثلهم على نقيض تماماً مع الفساد الكبير وهي من الناحية الموضوعية تتأثر من حراك الفساد الكبير الذي ازداد مع استمرار الأزمة، وأصبح له تأثير واضح في ما تعانيه الطبقة العاملة من هبوط حاد في مستوى معيشتها لضعف أجورها بسبب ارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة.
إن هذا التناقض سيدفع الحركة النقابية، والحركة العمالية نحو المواجهة مع الفساد الكبير وهي تملك من الأدوات ما يجعلها في مقدمة القوى الوطنية المناضلة ضد الفساد الكبير الذي ترى فيه إحدى أدوات العبور نحو الداخل من قوى الخارج الاستعماري الساعية لإدامة الأزمة وتعميقها باتجاهات تخدم مشروعها الاستعماري القائم على التفتيت والتقسيم، ما يفسح المجال للوقوف بكل جرأة ضد الفساد ووضع البرنامج «الوطني النقابي» الكفيل في تجيش، واستنهاض الطبقة العاملة لخوض المعركة الوطنية المتعددة الجبهات« الدفاع عن القطاع العام وتطويره ومواجهة الفساد الكبير» فبرنامج وطني ضد الليبرالية الجديدة يعني إغلاق الطريق على الفساد وهذا البرنامج الوطني سيقتنع الشعب به إذا ما كان معبراً عن مصالحه وحقوقه الاقتصادية والسياسية، والديمقراطية.