مصياف وقراها مسلسل إهمال مستمر... إلى متى؟!
رشا عيد رشا عيد

مصياف وقراها مسلسل إهمال مستمر... إلى متى؟!

طوال سنوات الحرب في سورية كان قطاع الكهرباء من أكثر القطاعات المتضررة، فقد تعرضت الشبكات للتخريب والتدمير، مما فرض تقنيناً قاسياً عاشه السوريون لأكثر من عقد.

وفي خضم هذا الواقع تزداد معاناة المواطنين، وبالتحديد إلى الشمال الغربي باتجاه محافظة حماة حيث تقع مدينة مصياف والقرى المحيطة بها، في ظل الواقع المعيشي الصعب وتردي الخدمات حتى يومنا هذا، فلم يتحسن واقع الكهرباء كثيراً رغم سيل الوعود الذي لا ينتهي، حيث تحل فيه كالضيف العابر في تفاصيل الحياة اليومية!

ليست الأولى من نوعها، لكن إلى متى؟!

في حادثة ليست الأولى من نوعها، وعلى بعد 18 كم عن مدينة مصياف ترزح قرية «بيرة الجرد» تحت ظلام دامس يطال إحدى الحارات الكبيرة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي منذ قرابة «الشهر» وذلك بسبب عطل في المحولة الكهربائية المغذية لنحو 200 منزل، أي 200 عائلة بلا كهرباء!

وجاء الرد من الشركة العامة لكهرباء حماة، بأن المحولة بحاجة لاستبدال بأخرى جديدة. وعليه فقد عُرف السبب والحل، لكن لم يتم التحرك، ولا حياة لمن تنادي، فقد نُقل عن أحد مسؤولي القرية أن الأمر «حتى إشعار آخر»، ومرّ شهر «وع الوعد يا كمون»!

لم يخفِ الأهالي تخوفهم من أن يتحول «الشهر» إلى أشهر وتعاد تجربة قرية «دير ماما» المريرة (في المدينة نفسها) التي عانت إحدى حاراتها من انقطاع الكهرباء لنحو أربعة أشهر متواصلة لتركيب محولة جديدة مع بداية الشهر الحالي، وكأنما كُتب على الريف أن يبقى في دائرة التهميش ويُترك سكانه لمصيرهم ومواجهة واقعهم العاجز دون أي تبرير، بل صمت رسمي مُطبّق!

هذا ما دفع البعض إلى اقتراح جمع الأموال من جيوب المفقرين- الفارغة أساساً- وطرق أبواب الأغنياء والمقتدرين في القرى المجاورة للمساعدة المادية.

أليست هذه كارثة مضاعفة؟!

أن يجد المواطن نفسه مطالب بتمويل ما هو من صميم واجبات الدولة، وكأنما حق المواطن بالكهرباء والعيش الكريم رفاهية مؤجلة حتى إشعار آخر!

أزمة مركبة، وتكاليف تصرخ «كيف ومن أين؟!»

الأزمة لا تتوقف عند حدود الكهرباء وحدها، بل تمتد إلى المياه التي يصعب وصولها بلا المضخات، وإلى عبء شراء مولدة كهربائية وتكلفة تأمين وقودها، حتى بالتشاركية مع الجيران وتقاسم المبلغ لقضاء بعض الحاجات (شحن البطاريات والهواتف المحمولة)، أما مشروع تركيب ألواح طاقة شمسية فهو غير مطروح مطلقاً، وهذا ما اختصرته إحدى السيدات بجملة تكثف واقع مؤلم وفقر نخر الأجساد بقولها: «إلنا الله».

فماذا عن طلاب الجامعات خلال فترة الامتحانات الشهر الفائت، فهل فكر أحد بهم وهم يدرسون على ضوء الشمعة أو هاتف محمول بشحن ناقص؟

وهل اهتمت الوزارة بمستقبلهم وفكر أحد من المعنيّين في كهرباء حماة أن يخرج من مكتبه المُنار والمُكيّف ليعترف بمسؤوليته ويحوّل الوعود إلى واقع فعلي؟!

فالنتيجة أن أبسط الحقوق تحولت إلى كوابيس يومية تطارد المواطنين بلا رحمة.

ليست بجديدة... لكنها تتفاقم

شهدت في الآونة الأخيرة العديد من القرى المحيطة بمدينة مصايف حوادث سرقة للكابلات الكهربائية، وكان آخرها سرقة كبل بطول 150 متراً، وهو يغذي 30 منزلاً في إحدى القرى، مما تسبب بقطع الكهرباء وما زال مستمراً منذ شهر وحتى الآن، مما دفع البعض إلى مد كبل بديل بشكل فردي، ومن الدخول شبه المعدومة!

قد تبدو هذه الحلول غير مشروعة ولا تُبرر قانونياً، لكنها تعبير عن صرخة يائسة من مجتمع تُرك دون آليات رسمية فعالة، ودون شفافية واستجابة سريعة لمشكلاته، التي هي حقوق بديهية افتراضاً!

فالناس سئمت تقديم الطلبات والشكوى والانتظار والمزيد من الانتظار فقط لا غير!

وتجدر الإشارة إلى أن ظاهرة سرقة الكابلات منتشرة في مختلف المحافظات دون استثناء «للتنحيس»، خاصة في ظل تفاقم الانفلات الأمني وغياب الرقابة، وهذا يهدد ما تبقى من البنية التحتية الكهربائية المتهالكة أساساً.

المطلب واضح وعاجل

ما يحدث اليوم ليس مجرد أزمة كهرباء بل وجه آخر لسياسة التهميش التي تزيد معاناة المواطن المفقر، وانعكاس لصورة فَجّة لغياب العدالة في توزيع الخدمات واستهتار وإهمال رسمي لا تُخفيه الشعارات الرنانة عن «أولوية خدمة المواطن».

فالحل واضح ويجب أن يكون التحرك عاجلاً وسريعاً، فلم تُكحل عيون الأهالي حتى الآن برؤية آلية تعمل لتركيب محولة جديدة.

فإلى متى ستستمر معاناة أهالي القرى المهمشة لمعالجة وحل مطلب خدمي بسيط؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1244