هل سينهي قرار توحيد الرسوم الجامعية كابوس التكاليف العالية؟
سلمى صلاح سلمى صلاح

هل سينهي قرار توحيد الرسوم الجامعية كابوس التكاليف العالية؟

صدر في 17 من أيلول قرار من وزارة التعليم العالي بتوحيد الرسوم للطلاب المستجدين كافة ابتداء من العام الدراسي 2025-2026، في خطوة تحمل في طياتها إيجابيات كبيرة، إذا ما تم توحيد الرسوم عند مستوى يتناسب مع الوضع الاقتصادي والقدرة المادية للطلاب وعائلاتهم.

فقد شهدت رسوم التعليم في سورية، الخاص والعام بشقيه الموازي والمفتوح، ارتفاعاً سنوياً، ومع كل ارتفاع في الرسوم تتراجع نسبة القادرين على استكمال تحصيلهم العلمي.

وفي هذا السياق، يُطرح تساؤل إن كان القرار سيضع معايير واضحة للجامعات الخاصة أيضاً، فيما يتعلق بارتفاع الرسوم؛ فهذه المفارقة التي لم تُحل إلى اليوم، على الرغم من انخفاض سعر الصرف، قد أثرت سلباً على قدرة الطلاب وأسرهم، ودفع عدد منهم إلى تجميد تسجيله، رغم المطالبات والاحتجاجات المتكررة طلباً لخفض الرسوم.
الجامعات الخاصة...

رسوم فلكية

بلغت رسوم بعض الكليات الطبية، على سبيل المثال، 700 ألف ليرة للساعة الواحدة، بحد أدنى 21 ساعة للفصل الواحد، أي 14,700,000 ليرة؛ ما قيمته 980 دولار عندما كان سعر الصرف 15,000 ليرة، أما اليوم وقد انخفض سعر الصرف إلى حدود 11,300 ليرة، فقد ارتفعت الرسوم إلى نحو 320 دولار. وذلك بدون احتساب باقي الرسوم التي تصل إلى حدود 4 ملايين ليرة، وأصبح الإجمالي 1300 دولاراً.

وقد يدفع هذا الارتفاع المستمر بالطلاب إلى اتجاهات بديلة، كالسفر بحثاً عن فرص أفضل، ما يزيد من هجرة العقول، التي تعاني منها سورية منذ سنوات، وتفريغ البلد من الطاقات الشابة. وإن كان هذا الاتجاه يمثل حلاً لبعض الطلاب، فالمسألة اليوم تدور حول قدرة الأنظمة التعليمية على الاحتفاظ بطاقاتها الشابة وتوفير البيئة المناسبة لتنميتها.

الدراسات العليا والتعليم الموازي

شكّل التعليم الموازي خياراً للطلاب الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالتعليم العام بسبب محدودية المقاعد أو ارتفاع المعدلات، ولكن شهدت رسوم الدراسات العليا على سبيل المثال ارتفاعاً سنوياً، فقد وصلت في العام الدراسي 2024-2025 إلى 3 ملايين ونصف لطلاب كليات الطب والصيدلة، ومليوني ليرة لطلاب باقي الكليات والمعاهد العليا، في تجاهل واضح لقدرة الطلاب على تحمل أعباء هذه التكاليف في ظروف خانقة، يواجه فيها الطالب صعوبات يومية في تأمين احتياجاته، خاصة في ظل غياب فرص العمل، وتراجع الأجور بحيث لا تغطي إلا جزءاً بسيطاً من كلفة التعليم الموازي.

لذا فإن توحيد الرسوم قد يغير من طبيعة هذا المسار. مع ذلك، إذا كانت الرسوم الموحدة مرتفعة، فقد يجد الطلاب أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مرّ، إما تكبد تكاليف باهظة، أو التخلي عن فكرة التعليم الجامعي.

مراجعة السياسات

لتحقيق النجاح المرجو من قرار توحيد الرسوم، يجب أن يتم الأخذ بعين الاعتبار القدرة المادية للطلاب والأسر، وإعادة هيكلة أنظمة التعليم الموازي لتكون أكثر عدلاً وتناسباً مع الوضع الاقتصادي، وذلك لضمان أن يكون امتداداً لنظام التعليم العام، لا امتيازاً محصوراً بفئة معينة كما بات اليوم.

كما لا بد من مراجعة سياسة التسعير في الجامعات الخاصة، وتوفير آليات دعم كافية، ووضع سياسات مرنة ومتوازنة تضمن تقديم تعليم عالي الجودة وبأسعار معقولة. فغلبة الطابع الاستثماري على الجامعات الخاصة التي تسعى إلى تحقيق الأرباح، لا ينفي دور وزارة التعليم العالي والجهات الرقابية في تحقيق توازن بين مصلحة الجامعة وقدرة الطلاب المالية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1244