صناعيو حلب... استثمار الدولة في الصناعة استثمارٌ في المستقبل
عقدت غرفة صناعة حلب في العاشر من آب اجتماع الهيئة السنوي، وذلك بحضور فعاليات رسمية واقتصادية وعدد كبير من الصناعيين.
طرح الصناعيون خلال الاجتماع مطالبهم، والتي لم تأتِ بجديد عمّا طالبوا به منذ أشهر، بل منذ سنين، في ظل غياب أي استراتيجية لدعم الصناعة أو تغيّر ملموس على أرض الواقع. لكنهم ركزوا على عدة نقاط من المهم تسليط الضوء على بعضٍ منها.
الطاقة... أزمة مزمنة
إن أزمة الطاقة– رغم كل الاتفاقات ومذكرات التفاهم– لا تزال إحدى أبرز التحديات التي تواجه الصناعيين، وتنقسم وفق ما ذُكِر في الاجتماع إلى تكاليف الكهرباء وحوامل الطاقة الباهظة، مضافاً إليها رسوم على الفواتير، قد تصل إلى 22% من إجمالي الفاتورة.
يشكل ذلك عبئاً مالياً كبيراً على المصانع، ما يُجبر البعض على التقليل من الطاقة الإنتاجية، أو حتى الإغلاق بشكل كامل. فيما يعيق توريد الكهرباء من سير العمليات الإنتاجية، ويدفع بالمصانع إلى الاعتماد على مصادر أخرى تزيد من التكاليف التشغيلية وتقلل من الكفاءة.
المنافسة غير العادلة... بين التهريب وإغراق الأسواق وضعف الرقابة
يُلحق التهريب خسائر مالية فادحة بالصناعيين والإنتاج المحلي، حيث تدخل السلع المهرّبة– وبكثرة– من دون دفع رسوم جمركية، ما يخلق منافسة غير عادلة وغير شريفة مع المنتجات المحلية، ويقلل حصة السوق من المنتجات الوطنية.
كذلك شهدت الأسواق السورية خلال الأشهر الماضية انفتاحاً غير منظم– بل منفلتاً أحياناً– أمام البضائع الأجنبية، بالأخص التركية منها، مما زاد الوضع سوءاً، حيث تعاني سورية من هذا النوع من المنافسة بشكل خاص من الدول– مثل تركيا– التي تقدم دعماً حكومياً لمنتجاتها، مما يمكنها من تصدير بضائعها بأسعار منخفضة لا يمكن للصناعات المحلية منافستها.
ويساهم ضعف الرقابة على الجودة ودخول منتجات رديئة إلى الأسواق المحلية بتغذية الأزمة. فهذه السلع، ورغم سعرها المنخفض نسبياً، تشوّه السوق وتفقد المواطن الثقة بالمنتج المحلي. فحتى لو كانت المنتجات المحلية ذات جودة أعلى فإن سعرها المرتفع جرّاء غياب الدعم الحكومي، تدفع المستهلك إلى تفضيل المنتجات المستوردة الأرخص، حتى لو كانت رديئة.
مطالب لحلول جذرية
لا يمكن النهوض بالصناعة السورية من دون:
- إصلاح سياسات الطاقة، لتخفيف الأعباء التشغيلية على المصانع، فتوفير الطاقة بأسعار معقولة ليس محفزاً للإنتاج فقط، بل حافزاً للاستثمار في القطاع الصناعي.
- تعزيز الحماية الجمركية والتجارية، عبر فرض قيود على استيراد السلع المنتجة محلياً والتي تغطي حاجة السوق، ومراجعة التعرفة الجمركية على الواردات المنافسة، كجزء من استراتيجية وطنية لتقليل الاعتماد على الخارج، دون التخلي عن شراكات استراتيجية تخدم المصالح الوطنية.
- تطوير البنى التحتية بوصفه شرطاً أساسياً لأي ازدهار في القطاع الصناعي. وما يشمله ذلك من تنفيذ مشاريع خدمية في المناطق الصناعية تقلل من تكاليف الإنتاج وتحسن من كفاءة العمليات الصناعية.
- تخفيض الرسوم الجمركية على المواد الأولية الداخلة في الإنتاج، ومن ضمنها إعفاء الآلات الصناعية من الجمارك، وتفعيل سياسات لمكافحة الإغراق، لما يشكله من تهديد على الصناعات المحلية.
تفعيل الحوكمة لإنقاذ الصناعة
مهما كانت الحلول واضحة ومنطقية، إلا أنها تظل رهناً بتحول جذري في السياسات الاقتصادية، تكون فيه الدولة الناظم الأساسي في إدارة القطاعات الاستراتيجية، وتستعيد قدرتها على التحكم بالاقتصاد والحدود؛ أي تعزيز سيادة القانون أيضاً وتحقيق استقرار أمني يضمن سلاسة العمليات الصناعية.
من دون ذلك كله، وأكثر، ستستمر الصناعة المحلية في الانحسار لصالح اقتصاد هش، قائم على الاستيراد والتهريب، والمساعدات.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1239