وعود وتحولات الكهرباء... هل الفاتورة القادمة تحتملها الأسرة السورية؟
تداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أخيراً تصريحات منسوبة للمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، تتحدث عن قرب تحسن في واقع الكهرباء، وزيادة في ساعات التغذية، مدعومة بمنح خارجية ومقترحات قيد الدراسة.
لكن الجزء الأكثر إثارة للقلق في هذه التصريحات لا يكمن في الوعود، بل في الحديث عن تكاليف إنتاج الكهرباء التي قُدرت بـ17 إلى 18 سنتاً أمريكياً للكيلوواط، أي ما يعادل أكثر من 18,000 ليرة سورية، بالتوازي مع تأكيد المؤسسة أن التعرفة الحالية شبه مجانية، وأن لجاناً مختصة تعمل على دراسة تعرفة جديدة «تتناسب مع دخل الأسرة وتكاليف الإنتاج».
أرقام غير مطمئنة.. 500 ألف ليرة لفاتورة شهرية؟
بناءً على الأرقام المعلنة، إذا تم تسعير الكهرباء وفق التكلفة الإنتاجية المشار إليها، فإن تكلفة استهلاك منزلي معتدل بحدود 300 كيلوواط شهرياً قد تتجاوز 500 ألف ليرة سورية. وفي ظل فرص العمل المحدودة ومعدلات الدخل المتدنية، يصبح من الصعب تصور كيف يمكن لهذه الفاتورة أن تكون «متناسبة مع دخل الأسرة».
التحديات المعيشية في مواجهة التسعير الجديد
الواقع الاقتصادي في سورية لا يزال هشاً. فالأسر السورية تعاني من تراجع القدرة الشرائية، وتدني الأجور، وارتفاع تكاليف المعيشة، إلى جانب انعدام شبه تام في فرص العمل المجدي. وفي هذا السياق، يأتي الترويج لزيادة محتملة لتعرفة الكهرباء كمصدر ضغط إضافي قد يدفع بشريحة واسعة من المواطنين إما إلى التقنين الذاتي القاسي أو إلى الانفصال شبه الكامل عن الشبكة العامة لصالح مصادر بديلة مثل البطاريات والطاقة الشمسية، رغم كلفتها المرتفعة أيضاً.
الدعم المستهدف أم رفع الدعم؟
يبدو أن التوجه نحو تسعير الكهرباء بحسب التكلفة الفعلية، مع وعود بتصميم تعرفة «مدروسة»، يدخل ضمن سياسة رفع الدعم تحت شعار «إعادة توجيهه». لكن التجارب السابقة مع رفع الدعم عن المحروقات والخبز لم تثبت فعالية حقيقية في التخفيف عن الفئات الأكثر ضعفاً، بل أدت إلى مزيد من الضغوط على الطبقة الفقيرة.
أين الحلول البديلة؟
بدلاً من التفكير في تعرفة جديدة قد لا تتلاءم مع الواقع، من الأجدى أن يتم التركيز على:
- تحسين كفاءة الإنتاج وتقليل الفاقد الكهربائي.
- استثمار المنح الخارجية في إصلاح منظومة التوليد والتوزيع.
- تشجيع استخدام الطاقة البديلة عبر دعم مستوردات الألواح الشمسية بأسعار مناسبة.
- تقديم دعم مباشر للفئات الأشد احتياجاً إذا تم تعديل التعرفة، لتجنب الانزلاق نحو أزمات اجتماعية.
فالتمهيد لرفع تعرفة الكهرباء قد يبدو خياراً منطقياً من زاوية الكلفة الإنتاجية، لكنه غير واقعي من منظور العدالة الاجتماعية في ظل الوضع الاقتصادي المتردي.
فهل ستتمكن الحكومة من تحقيق التوازن بين استمرارية الخدمة وتحمل المواطن؟
أم إن المواطن سيكون كعادته هو من يدفع الثمن؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1234