شراكة سورية فرنسية لبناء وتأهيل 37 جسراً
سارة جمال سارة جمال

شراكة سورية فرنسية لبناء وتأهيل 37 جسراً

عقدت المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية اجتماعاً مع شركة «ماتيير» الفرنسية، بتاريخ 29 حزيران 2025، بهدف تفعيل مذكرة تفاهم كانت قد وقعت بين المؤسسة العامة والشركة عام 2023 لإصلاح وتأهيل 32 جسراً، وارتفع العدد بعد الاجتماع أخيراً ليشمل 37 جسراً.

إلا أن هذا التوجه نحو تعزيز البنية التحتية وتنفيذ المشاريع الكبرى بالتعاون مع الشركات الأجنبية لا يخلو من غموض، خاصة فيما يتعلق بإهمال الكفاءات المحلية وغياب الشفافية عن التفاصيل المالية والتقنية.

«ماتيير»!

من الجدير بالذكر أن موقع شركة «ماتيير» لم ينشر أية مشاريع منجزة أو قيد الإنشاء في أي من دول العالم. وبالاطلاع على موقع الشركة الفرنسية فهي تقدم قروضها إما عبر ائتمان من بنك فرنسي يُمنَح مباشرة لبنك الدولة المقترضة ما يتيح للمورد الحصول على الدفع نقداً، وتساوي مدة القرض مدة البناء، مع «إمكانية» الاستفادة من سعر فوائد ثابت، كما تغطي مخاطر عدم السداد عن طريق شركتيّ تأمين فرنسيتين. أو تقدم قرضاً من الدولة الفرنسية لتمويل مشاريع البنى التحتية، وهذا القرض موجّه للمشاريع التي تزيد كلفتها عن 10 ملايين يورو، فيما لا توجد تفاصيل حول آليات السداد والتأمين والفوائد المترتبة على المقترض.

ورغم أن وزير النقل يعرب بدر أكد «ضرورة تأمين التمويل الخارجي اللازم، سواء بصيغة منح أو هبات، وفق الدراسات الفنية والقانونية المعتمدة»، بحسب ما ورد على موقع الوزارة الرسمي بتاريخ 29 حزيران، إلا أنه لم يذكر تفاصيل هذا التمويل وحجمه ومن سيتحمل التكاليف الإضافية؟

تعاون إيجابي، ولكن...

في بلد منهك ومدمر مثل سورية قد يكون التعاون مع شركات أجنبية ضرورياً للاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة والخبرات، خاصة في مجال البنى التحتية كتأهيل وبناء الجسور.

ورغم أهمية تعاون كهذا، لا يمكن النظر إليه بعين الرضا المطلق، ولا بد من تقييمه من حيث الفائدة الاقتصادية الصافية للدولة ومساهمته في تحسين حياة ومعيشة الناس. خاصة في ظل غياب ذكر التكاليف المفروضة من قبل الشركة الأجنبية، وإن كان سيقتصر دور المؤسسة العامة للمواصلات على المتابعة، وما هو حجم مشاركة القطاع العام الإنشائي أو الشركات المحلية في عملية التأهيل؟ والذين يمتلكون الإمكانية والخبرة في تنفيذ مثل هذه المشاريع بكفاءة وجودة عاليتين وتكلفة أقل.

الشفافية الغائبة

إن غياب الشفافية وآليات المحاسبة والرقابة عن هذه الاتفاقية، كما الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة سابقاً، سيتيح للشركات الأجنبية فرض شروطها واستغلال الموارد المحلية، والذي سينعكس سلباً على المواطن.

ولا يكفي الإفصاح عن طبيعة العقود، والتكلفة، والمدة الزمنية وغيرها، بل لا بد من تعزيز الشفافية في جميع مراحل تنفيذ المشاريع، من التخطيط والتصميم إلى التنفيذ والإشراف.

فشروط «التمويل» الذي تنتظره وتؤكده الوزارة يجب أن يكون واضحاً، مثل الضمانات الحكومية أو الفوائد.

فإن كانت هذه الشروط مجحفة، سواء بأسعار فائدة مرتفعة، أو فترات سماح قصيرة، أو شروط تعجيزية لها علاقة بالضمانات، سيتحول التمويل إلى دين عام، لا يعود بفائدة على المواطنين، بل وسيتحملون عبأه لاحقاً عبر تقليص الخدمات العامة أو خصخصة قطاعات حيوية، مما يؤثر بشكل مباشر على حياتهم ويحد من فرصهم في الحصول على الخدمات الأساسية.

إهمال الكفاءات المحلية

لا تعد المشاريع الكبرى مجرد إنجازات إنشائية، بل هي فرص مهمة لتبادل المعرفة والخبرات، ونقل التكنولوجيا المتقدمة، وتطوير القدرات البشرية المحلية. وحرمان الشركات والكوادر الوطنية من الانخراط الفاعل في هكذا مشاريع، يعني تجميد طاقاتها وإمكاناتها، ما يؤدي إلى تراجع مستوى الكفاءة والإنتاجية لديها، ويقلل من قدرتها على المنافسة في السوق المحلي والعالمي، ويرسّخ التبعية للخبرات الأجنبية.

فإقصاء قوى العمل الوطنية، شركات وكفاءات، لصالح الشركات الأجنبية سيكون له تداعيات سلبية على الاقتصاد المحلي. حيث لا يقتصر الأمر على تسرب الأموال إلى الخارج، بل يمتد ليشمل إضعاف القدرات المحلية، وتراجع فرص العمل وفقدان الخبرة المتراكمة القادرة على بناء اقتصاد وطني قوي ومستدام.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1233