حرائق ريف اللاذقية كارثة بيئية تهدد الغطاء النباتي والاقتصاد الوطني

حرائق ريف اللاذقية كارثة بيئية تهدد الغطاء النباتي والاقتصاد الوطني

تشهد المناطق الحراجية والغابات في ريف اللاذقية، شمال غربي سورية، حرائق ضخمة ومتواصلة منذ أيام، التهمت حتى الآن أكثر من 30 هكتاراً من الغطاء النباتي، وسط ظروف مناخية صعبة وتضاريس معقدة تُعيق جهود الإطفاء.

هذه الكارثة البيئية تتجاوز في خطورتها الأضرار الفورية، لتشكل تهديداً طويل الأمد للتنوع الحيوي، والتربة، والاقتصاد المحلي.

تصاعد ألسنة النيران وصعوبة الإخماد

تواصل فرق الإطفاء والدفاع المدني عملياتها في محاولة للسيطرة على الحرائق التي اندلعت في جبل التركمان ومنطقة الربيعة بريف اللاذقية الشمالي. وقد اشتدت النيران بفعل الرياح وارتفاع درجات الحرارة، وأسفرت عن انفجارات لمخلفات حربية سابقة، ما زاد من تعقيد المشهد وصعوبة الوصول البري إلى المناطق المتضررة.
ورغم الجهود المبذولة، بدعم من مروحيات تابعة لوزارة الدفاع، فإن اتساع رقعة النيران دفع وزارة الطوارئ والكوارث إلى طلب مساعدة دولية، أسفرت عن وصول فرق تركية مزودة بطائرات مروحية للمشاركة في الإخماد.

انعكاسات كارثية على البيئة والاقتصاد

تمتد أضرار هذه الحرائق إلى ما هو أبعد من الأشجار المشتعلة، فهي تدمر غطاءً نباتياً حيوياً يساهم في توازن النظام البيئي، ويحافظ على استقرار التربة، ويؤمن جزءاً من الموارد الاقتصادية للمجتمعات المحلية، ولا سيما في مجالات الزراعة وتربية النحل والرعي.
كما يؤدي فقدان الغابات إلى زيادة خطر الانزلاقات الأرضية وتفاقم أزمة تغير المناخ محلياً.
الحرائق تُشكل أيضاً عبئاً اقتصادياً كبيراً على الدولة، سواء من حيث تكاليف الإطفاء أو الخسائر الزراعية والبيئية بعيدة المدى، في وقت يعاني فيه الاقتصاد السوري من تحديات هيكلية حادة.

شبهات الحرائق المفتعلة

ورغم العوامل الطبيعية التي ساعدت على امتداد الحرائق، تزداد المؤشرات حول احتمال وجود حرائق مفتعلة، في ظل تكرارها الموسمي ووقوع بعضها في مناطق استراتيجية أو محاطة بخلافات.
هذه الفرضية، إن ثبتت، تعكس خطراً أمنياً وأخلاقياً بالغاً، يستدعي تحقيقاً معمقاً وتعاوناً بين المؤسسات المحلية لتحديد الأسباب ومحاسبة المتسببين.
فتعمد إشعال الحرائق– إن ثبت– يمكن أن يُعد جريمة بيئية موصوفة بموجب القانون السوري، خصوصاً إذا نتج عنه ضرر طويل الأمد للسكان المدنيين أو للموروث الطبيعي والبيئي.

المطلوب خطة وطنية شاملة

حرائق ريف اللاذقية ليست مجرد كارثة طبيعية عابرة، بل ناقوس خطر يُحذر من تدهور بيئي واقتصادي واسع النطاق، وربما تحمل أبعاداً تتعدى المناخ والصدفة لتدخل في سياق النزاع.
المطلوب اليوم ليس إطفاء النيران فقط، بل وضع خطة وطنية شاملة لإدارة الغابات، تجمع بين الحماية البيئية، والمحاسبة القانونية، والرصد الأمني، وتعزيز أدوات الرصد المبكر، والتعاون الإقليمي والدولي للوقاية من تكرار مثل هذه الكوارث، بما يضمن حماية ما تبقى من الثروات الطبيعية السورية، وصون السيادة البيئية للبلاد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1226