الأسواق بين الحاجة والاستهلاك... استغلال يتجاوز المواسم والتبريرات الجاهزة
في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار الخضار والفواكه بشكل غير مسبوق في الأسواق السورية، تتزايد شكوى المواطنين من حالة الغلاء التي باتت تطال حتى أكثر المواد بساطة واعتيادية في البيوت السورية.
فالبندورة والليمون– رمزا المائدة اليومية – سجّلا أسعاراً تجاوزت حاجز الـ10 آلاف ليرة للكيلوغرام الواحد، وهو ما لم يكن مألوفاً حتى في أشدّ الأزمات.
تأتي التبريرات شبه الرسمية لتضع اللوم على توقف الاستيراد من مصر والأردن بعد انتهاء المواسم الزراعية فيهما، وهو ما صرّح به نائب رئيس لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه، محمد العقاد، موضحاً أن السوق اليوم يعتمد على الإنتاج المحلي فقط، وأن الارتفاع الحالي سيستمر قرابة الشهر.
لكن، وعلى الرغم من هذه التبريرات التي تتكرر كل عام، إلا أن واقع الأسواق يكشف عن وجه آخر للأزمة، وهو استغلال واضح لحاجة المواطن الاستهلاكية، ومضاربة غير منطقية من قبل كبار تجار أسواق الهال وبائعي المفرق، الذين يحولون أي ظرف– موسمي أو لوجستي– إلى فرصة لرفع الأسعار كعادتهم، بلا رقيب!
إن توقف التصدير إلى الخليج، والذي اعتبره العقاد سبباً لانخفاض الطلب وبالتالي تراجع الأسعار، لم ينعكس فعلياً على السوق كما يُفترض.
على العكس تماماً، فالأسعار ارتفعت، والتجار برّروا ذلك بحجج موسمية، رغم أن بعض المنتجات المحلية مثل الثوم، والفول، والبازلاء– وهي خضار موسمية– لم تسلم من موجة الغلاء، بل كانت ضحية إضافية للاستغلال، خصوصاً في ذروة موسم «المونة» الذي يمثل عبئاً إضافياً على ميزانية الأسر السورية.
هذا التناقض بين الواقع والتصريحات يُسلط الضوء على غياب أدوات الرقابة الفعالة، وتكرار الأسطوانة ذاتها في كل موسم: «انخفاض التوريد- انتهاء المواسم- مشاكل الشحن- كلفة النقل»، وغيرها من التبريرات التي يُراد بها شرعنة الاستغلال ورفع الأسعار.
وإذا كانت التجارة الخارجية– كما يشير العقاد– ضرورة لتأمين القطع الأجنبي ودعم الاقتصاد، فإنها لا يمكن أن تكون على حساب السوق الداخلية واحتياجات المواطن.
فما نراه دائماً وأبداً هو سوق تتحكم به قلة من التجار، تتعامل مع الحاجات اليومية للمواطنين كموسم ربح سريع، في ظل غياب شبه تام للتدخل الحكومي أو حتى الخطاب الجاد تجاه ما يحدث.
إن الحاجة إلى تدخل عاجل وحازم لم تعد مجرد مطلب شعبي، بل ضرورة اقتصادية وأخلاقية، للمنع، أو للحد من، تحول الأسواق إلى ساحة فوضى يتحكم بها من يملك التخزين والنقل، لا من يزرع أو يستهلك، تحت شعار العرض والطلب وحرية السوق!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1225