نقل مواقف السرافيس في دمشق... حل مروري على حساب المواطنين

نقل مواقف السرافيس في دمشق... حل مروري على حساب المواطنين

في خطوة تهدف إلى تخفيف الازدحام المروري الخانق الذي تعاني منه العاصمة دمشق، أقدمت إدارة المرور على نقل عدد من مواقف انطلاق السرافيس من موقع جسر الحرية (المعروف سابقاً بجسر الرئيس) إلى كراج جسر الوزان في نهاية طريق الربوة، وأخرى إلى كراج السومرية نهاية أوتوستراد المزة.

ووفقاً لمصادر في شرطة المرور، فإن هذه الخطوة جاءت للحد من الاكتظاظ في محوري جسر فيكتوريا وساحة الأمويين، حيث كانت خطوط السرافيس تتسبب بعقد مرورية كبيرة أثناء التفافها بين هذه المحاور الحيوية.
وعلى الرغم من أن الهدف المعلن يبدو في ظاهره وجيهاً ومحموداً، إلا أن ما جرى عملياً ألقى بظلاله السلبية على المواطنين، خاصة أولئك الذين يعتمدون يومياً على هذه الخطوط للوصول إلى أعمالهم ومنازلهم.
فالنقل لم يأتِ بتحسين فعلي في تجربة التنقل، بل زاد من الأعباء على المستخدمين من نواحٍ عدة.
أولاً، بات المواطن مضطراً اليوم لاستخدام ثلاث وسائط نقل على الأقل للوصول إلى وجهته، بدلاً من وسيلتين كما كان الحال سابقاً.
فعلى سبيل المثال، يحتاج الركاب الآن للوصول أولاً إلى كراج جسر الوزان أو السومرية عبر وسيلة نقل منفصلة، ثم يستقلون ميكروباص الخط المطلوب، وقد يُجبرون لاحقاً على استخدام وسيلة ثالثة للوصول إلى نقطة الوصول النهائية. وهذا يعني المزيد من الوقت المهدور، والجهد المضاعف، خاصة لمن يقطع مسافات طويلة أو يعمل في فترات دوام حساسة.
ثانياً، وعلى الرغم من إعلان تخفيض تعرفة خط وادي بردى من 8 آلاف ليرة سورية إلى 5 آلاف ليرة، فإن الكلفة الإجمالية لم تتغير فعلياً، بل ارتفعت في كثير من الحالات.
فالمواطن يدفع الآن قرابة 3 آلاف ليرة للوصول إلى نقطة الانطلاق الجديدة، ما يعني أن مجموع الأجرة قد يصل إلى 8 آلاف ليرة أو أكثر، دون أن يشهد تحسناً فعلياً في مستوى الخدمة أو زمن الوصول.
هذه الإجراءات التي يفترض أن تخفف الضغط عن المدينة، لا يجب أن تكون على حساب راحة وكرامة المواطن.
فالحلول المرورية لا تنجح إذا لم تُصمم ضمن رؤية شاملة تراعي الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وتضع مصلحة المستخدم النهائي في قلب القرار.
فالإجراءات، التي كان من المفترض أن تساهم في تنظيم المرور، افتقرت إلى توفير بدائل نقل فعالة تربط بين نقاط الانطلاق الجديدة ومركز المدينة، أو على الأقل تخفف من مشقة النقل المتعدد. حيث لم تُؤمّن باصات تغذية كافية، ولا محطات مريحة، ما جعل الانتقال عبئاً إضافياً على المواطنين، بدل أن يكون حلاً.
إن معالجة الازدحام ينبغي أن تقترن بتوفير بدائل نقل فعالة ومريحة وسريعة، وليس بترحيل الأزمة إلى أطراف المدينة وتحميل المواطنين تبعات لا طاقة لهم بها.
فالتنظيم الحقيقي لا يقتصر على إخلاء وسط المدينة من السيارات والسرافيس، بل في بناء منظومة نقل عامة متكاملة ومرنة، تراعي الوقت والتكلفة والكرامة الإنسانية.
أخيراً، يبقى السؤال مفتوحاً: هل يمكن لسياسات النقل أن تكون عادلة ومنصفة، أم إن المواطن سيظل الحلقة الأضعف في كل خطة تنظيمية؟
الجواب الحقيقي يجب أن ينعكس في تفاصيل الحياة اليومية، لا في التصريحات الإعلامية فقط.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1225